كل من يدخل إلى دارها ، وإنما كانت تغتسل في مكان لا يراها أحد ، ولكن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم علم أنها تغتسل ، من دون أن يرى شخصها ، فقال : سبحان الله الذي خلقك ، وتنزَّه عن أن يكون له ولد يحتاج للاغتسال والتنظف.
وهذا المعنى الذي قلناه قد ورد في الحديث نفسه ، فقد جاء فيه :
فقال النبي لما رآها تغتسل : سبحان الذي خلقك أن يتَّخذ له ولداً يحتاج إلى هذا التطهير والاغتسال. فلما عاد زيد إلى منزله أخبرته امرأته بمجيء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقوله لها : (سبحان الذي خلقك!). فلم يعلم زيد ما أراد بذلك ، وظن أنه قال ذلك لما أعجبه من حسنها ، فجاء إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال له : يا رسول الله إن امرأتي في خلقها سوء ، وإني أريد طلاقها. فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أمسك عليك زوجك ، واتق الله. وقد كان الله عزوجل عرَّفه عدد أزواجه ، وأن تلك المرأة منهن ، فأخفى ذلك في نفسه ، ولم يبده لزيد ، وخشي الناس أن يقولوا : إن محمداً يقول لمولاه : (إن امرأتك ستكون لي زوجة) يعيبونه بذلك ، فأنزل الله عزوجل : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ) يعنى بالإسلام (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) يعنى بالعتق (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) ، ثمّ إن زيد بن حارثة طلَّقها واعتدَّت منه ، فزوَّجها الله عزوجل من نبيّه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنزل بذلك قرآناً ، فقال عزوجل : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (١).
هذا مع أنه قد ورد في كتب أهل السنة ما هو أصرح من ذلك ، كرؤية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لزينب وهي مكشوفة الشعر ، وأنها أعجبته فرغب في نكاحها ، فتزوجها من غير خطبة ولا شهادة.
فقد أخرج الطبراني في معجمه الكبير ، والبيهقي في السنن الكبرى ، والهيثمي في مجمع الزوائد ، وابن عساكر في تاريخ دمشق عن زينب بنت جحش أنها قالت في
__________________
(١) المصدر السابق ٢ / ١٨١.