قلت : ولعل قوله : (التحيات والصلوات) إنما كان إنكاراً ، أي كيف تقول : التحيات والصلوات؟! لا أنه وارد على نحو التقية من زرارة.
وتكرار زرارة السؤال إنما كان من أجل التأكد من عدم جواز الإتيان بمثل هذه الصيغة في التشهد ، فلما علم أن الإمام عليهالسلام ينكر على من يأتي بها قال : فضرطت بلحية من يأتي بها وقلت : إن من يأتي بها لا يفلح أبداً ، لأنه ضيَّع التشهد الذي هو واجب مفروض عليه في الصلاة ، وأتى بغيره مما لا يصح.
والخلاصة أن هذه الرواية ساقطة سنداً ، وقاصرة دلالة على ما قاله من طعن زرارة في الإمام الصادق عليهالسلام.
* * *
قال الكاتب : لقد مضى على تأليف كتاب الكشي عشرة قرون ، وتداولته أيدي علماء الشيعة كلهم على اختلاف فِرَقِهِم ، فما رأيت أحداً منهم اعترض على هذا الكلام ، أو أنكره أو نَبَّهَ عليه.
وأقول : لقد أوضح ميرداماد (المتوفى سنة ١٠٤١ ه ـ) معنى هذه الرواية في شرحه على كتاب اختيار معرفة الرجال كما مرَّ بما يزيل اللبس ، ويرفع الشبهة.
وأنكر الحديث من رأس الشيخ حسن صاحب المعالم قدسسره (المتوفى سنة ١٠١١ ه ـ) في كتابه (التحرير الطاووسي) ، حيث علق على هذا الحديث بقوله : والحديث الذي أشار إليه هو الحديث المتضمن للسؤال عن التشهد ، ورائحة الكذب تفوح منه (١).
وقال المامقاني (المتوفى سنة ١٣٥١ ه ـ) : وفي حاشية المنهج لمؤلِّفه معلِّقاً على ذيل خبر التشهد المذكور هكذا : معلوم أن مثل ذلك لا يكون من زرارة ، ولو كان مردوداً
__________________
(١) التحرير الطاووسي ، ص ١٢٨.