الكلام فضلاً عمن يدَّعي بلوغه مرتبة الاجتهاد ، ولا سيما أن كل من بلغ هذه المرحلة لا بد أن يكون قادراً على التمييز بين الصحيح والضعيف ، ومتمكِّناً من دفع كل شبهات الخصوم وحُجَجهم.
* * *
قال الكاتب : وحاولت مرة أن أطرح شيئاً من ذلك على أحد السادة من أساتذة الحوزة العلمية ، وكان الرجل ذكيا إذ عرف كيف يعالج في هذه الأسئلة : فأراد أن يُجْهزَ عليها في مَهْدها بكلمات يسيرة ، فقال لي : ما ذا تدرس في الحوزة؟
قلت له : مذهب أهل البيت طبعاً.
فقال لي : هل تشك في مذهب أهل البيت؟!
فأجبته بقوة : معاذ الله.
فقال : إذن أبْعِد هذه الوساوس عن نفسك ، فأنت من أتباع أهل البيت عليهمالسلام ، وأهلُ البيت تَلقّوْا عن محمد صلىاللهعليهوآله ، ومحمد تَلَقَّى من الله تعالى.
سكَتُّ قليلاً حتى ارتاحت نفسي ، ثمّ قلتُ له : بارك الله فيك شفيتني من هذه الوساوس. ثمّ عدتُ إلى دراستي ، وعادت إليّ تلك الأسئلة والاستفسارات ، وكلما تقدمت في الدراسة ازدادت الأسئلة ، وكثرت القضايا والمؤاخذات.
وأقول : إن هذا الكلام أيضاً يدل على أن كاتبه لا يعرف مناهج الحوزة العلمية ، وهو بعيد عنها كل البعد ، حيث إنه زعم أنه يدرس مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، مع أن الطالب كما قلنا يقضي سنين من حياته يدرس علوم اللغة والمنطق والفلسفة ، وهي لا ترتبط بمذهب أهل البيت عليهمالسلام ، لأنها مقدمات تؤهِّل الطالب لفهم المطالب العالية.
وبعد تلك السنين يقضي الطالب أيضاً سنين أخرى يدرس فيها علم الأصول