جعفر قال : (كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه إلا ثلاثة المقداد بن الأسود وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري) روضة الكافي ٨ / ٢٤٦.
وأقول : إن الكراهية بين المذاهب كانت متأصلة منذ العصور الأولى ، بسبب الحوادث والفتن التي حصلت بين أتباعها ، والتاريخ يحدّثنا عن فتن وقعت بين الشيعة وأهل السنة ، بل حوادث وفتن وقعت بين أتباع مذاهب أهل السُّنة أنفسهم من أحناف وموالك وشوافع وحنابلة.
إلا أن الشيعة كانوا أبعد الطوائف عن تأجيج نائرة الفتن ، لأنهم كانوا يعملون بوصايا أئمتهم بحسن معاشرة أهل السنة وقد ذكرنا بعضها ، وكانوا يمارسون التقية الشديدة التي فرضها عليهم قمع الولاة لهم ، وكانوا ضعفاء مستضعفين يخافون أن يتخطفهم الناس.
وقد نقلنا للقارئ العزيز فيما تقدم شهادة الشيخ محمد أبو زهرة بأن الشيعة الإمامية يتوددون إلى أهل السنة ولا ينافرونهم ، وهو سُنّي لا يُتَّهم في هذه الشهادة.
ولو سلَّمنا أن الشيعة يبغضون أهل السنة فلا أعتقد أن الكاتب يزعم أن أهل السُّنة يحبُّون الشيعة ويودُّونهم مع ما نقلناه سابقاً من فتاوى بعض علمائهم بكفر الروافض وحرمة ذبائحهم وعدم جواز مناكحتهم والسلام عليهم وغير ذلك.
ومع كل تلك الفتاوى الصادرة من بعض علمائهم إلا أنك لا تجد في أحاديث الشيعة وفتاوى علمائهم حثّاً على بغض أهل السنة ومعاداتهم ، بل ما تجده هو عكس ذلك كما مرَّ بيانه مفصَّلاً فيما تقدَّم.
* * *
قال الكاتب : لو سألنا اليهود : من هم أفضل الناس في مِلَّتِكُم؟
لقالوا : إنهم أصحاب موسى.