قال : في هذا وما قبله دلالة على أن آية الرجم حكمها ثابت ، وتلاوتها منسوخة ، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً (١).
وقال الزرقاني في شرح قول عائشة : كان فيما أُنزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يُحَرِّمْنَ) ، ثمّ نُسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو فيما يُقرَأ من القرآن.
قال : (فيما يُقرأ من القرآن) المنسوخ ، فالمعنى أن العَشْر نُسخت بخَمس ، ولكن هذا النسخ تأخَّر حتى توفي صلىاللهعليهوسلم (٢) ، وبعض الناس لم يبلغه النسخ ، فصار يتلوه قرآناً ، فلما بلغه تَرَك ، فالعَشْر على قولها منسوخة الحكم والتلاوة ، والخمس منسوخة التلاوة فقط كآية الرجم ... وليس المعنى أن تلاوتها كانت ثابتة وتركوها ، لأن القرآن محفوظ (٣).
وقال الآمدي في الإحكام : المسألة السادسة : اتفق العلماء على جواز نسخ التلاوة دون الحكم ، وبالعكس ، ونسخهما معاً ، خلافاً لطائفة شاذة من المعتزلة ، ويدل على ذلك العقل والنقل.
إلى أن قال : وأما النقل أما نسخ التلاوة والحكم فيدل عليه ما روت عائشة أنها قالت : (فيما أنزل عشر رضعات محرمات فنسخت بخمس) ، وليس في المصحف عشر رضعات محرمات ولا حكمها ، فهما منسوخان (٤).
وكلماتهم في جواز نسخ التلاوة ووقوعه كثيرة جداً ، وفيما ذكرناه كفاية.
__________________
(١) السنن الكبرى للبيهقي ٨ / ٢١١.
(٢) هذا من مهازل التبريرات التي لهج بها علماء أهل السنة لتبرير روايات التحريف التي امتلأت بها كتبهم ، ونحن لم نكن نتصور أن نجد من يزعم أن النسخ تأخر إلى ما بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما زعمه الزرقاني هنا ، فإن هذا لم يقل به أحد.
(٣) شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك ٣ / ٣٢١.
(٤) الإحكام ٣ / ١٥٤.