وتطهيرهم ، وأذهب عنهم الرجس. فمن صدَّق عليهم فإنما يُكذِّب الله ورسوله. فقال أبو بكر : أقسمتُ عليك ـ يا عمر ـ لمَّا سكتَ (١).
هذا ما جاء في كتاب سليم بن قيس من احتجاج سيِّدة نساء العالمين عليهاالسلام على أبي بكر وعمر في شأن فدك ، فأين المشاجرة المكذوبة؟ وأين الصياح المزعوم؟!
* * *
قال الكاتب : وروى الكليني في الفروع أنها سلام الله عليها ما كانت راضية بزواجها من علي رضي الله عنه إذ دخل عليها أبوها عليهالسلام وهي تبكي ، فقال لها : ما يُبكيكِ؟ فو الله لو كان في (أهلي) خير منه ما زَوَّجْتُكِه ، وما أنا زَوَّجتُكِ ولكنَّ اللهَ زَوَّجَكِ.
وأقول : هذا الحديث لا يدل على عدم رضا سيّدة النساء عليهاالسلام بزواجها من أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولعل بكاءها سلام الله عليها لفراق بيت والدها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لما سيصيبها من الشدائد والمصائب التي ستشارك فيها أمير المؤمنين عليهالسلام.
أو أنها سلام الله عليها بكت ليلة زفافها حياء ، كما دلَّت على ذلك بعض الأخبار ، فقد أخرج عبد الرزاق الصنعاني في مصنَّفه بسنده عن ابن عباس في حديث طويل قال : فأقبلت [فاطمة عليهاالسلام] فلما رأت عليّا جالساً إلى جنب النبي صلىاللهعليهوسلم خفرت (٢) وبكت ، فأشفق النبي صلىاللهعليهوسلم أن يكون بكاؤها لأن عليّا لا مال له ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ما يبكيك؟ فما ألوتُك في نفسي ، وقد طلبتُ لك خير أهلي ، والذي نفسي بيده لقد زوجتكه سعيداً في الدنيا ، وإنه في الآخرة لمن الصالحين (٣).
فهذا الحديث يوضح ما هناك ، ولهذا لا نجد في كلماتها سلام الله عليها ما يدل
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس ، ص ٢٢٦.
(٢) أي استحيت أشد الحياء.
(٣) المصنف لعبد الرزاق ٥ / ٣٤٠ ، ط أخرى ٥ / ٤٨٨.