بقرينة التعليل في تلكم الأحاديث ، وهي تطييب ولادة الشيعة ، فلا حاجة للإعادة.
ونحن قد أوضحنا فيما مرَّ أن السَّادة الكرام لهم نصف الخمس ، للآية المباركة وللأخبار الكثيرة الناصَّة على ذلك.
وأما دفع الخمس للمجتهدين والفقهاء فقد نقلنا الأقوال فيه ، فراجعها ، ومن ضمن من قال بوجوب دفع الخمس للمجتهد بعد الغيبة بيسير أبو الصلاح الحلبي والقاضي ابن البراج ، وهما من أعاظم علماء الإمامية ، ومن تلامذة الشيخ الطوسي رحمهالله كما مرَّ بيانه.
* * *
قال الكاتب : القول الثاني :
ثمّ تطور الأمر ، بعد أن كان الشيعة في حل من دفع الخمس في زمن الغيبة كما سبق بيانه ، تطور الأمر فقالوا بوجوب إخراج الخمس ، إذ أراد أصحاب الأغراض التخلص من القول الأول ، فقالوا يجب إخراج الخمس على أن يُدْفَنَ في الأرض حتى يخرج الإمام المهدي.
وأقول : لقد ذكرنا الروايات الدالة على وجوب دفع الخمس ، وأن الأئمة عليهمالسلام نصبوا لهم وكلاء لقبضه من الناس كما مرَّ ، وهذا كله دال على أن وجوب الخمس كان معروفاً عند الشيعة في زمن الأئمة عليهمالسلام ، لا كما ادّعى الكاتب من أن الشيعة كانوا في حل من دفعه في زمن الغيبة.
وأما القول بدفن الخمس فقد كان من ضمن الأقوال المعروفة زمن الشيخ المفيد (٣٣٦ ـ ٤١٣ ه ـ) كما مرَّ نقله عن كتابه (المقنعة) ، أي بعد انتهاء الغيبة الصغرى بسنين قليلة ، ولا ريب أن هذه المسألة كانت في تلك السنين تعتبر مستحدثة ، لأن الابتلاء بها إنما حصل بعد غيبة الإمام الكبرى ، ولعلّ هناك من أفتى بها عقيب غيبة