الحسن الرضا عليهالسلام : كان بنان يكذب على علي بن الحسين عليهالسلام ، فأذاقه الله حرَّ الحديد ، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي جعفر عليهالسلام ، وكان أبو الخطاب يكذب على أبي عبد الله عليهالسلام ، فأذاقه الله حرَّ الحديد ، والذي يكذب عليَّ محمد بن فرات (١).
فالكذابون إذن هم الذين ادَّعوا على الأئمة عليهمالسلام كذباً أنهم وكلاؤهم أو سفراؤهم ، أو غالوا فيهم ، أو نسبوا إليهم عليهمالسلام أباطيل وأضاليل يريدون بها تضليل الشيعة وإفساد الشريعة ، فلعنهم الأئمة عليهمالسلام وحكموا بكفرهم وتبرءوا منهم.
هؤلاء هم الكذَّابون المعنيون في الحديث ، لا رواة أحاديث الأئمة عليهمالسلام الذين تلقوا عنهم علومهم ، وأخذوا بأقوالهم ، وشايعوهم في السِّر والعلانية ، فهؤلاء هم شيعتهم الذين مدحوهم في أحاديثهم التي ذكرنا بعضاً منها في مدح زرارة ومحمد بن مسلم وبريد العجلي وأبي بصير وغيرهم من أجلاء الرواة ، والأحاديث المروية في مدحهم ومدح غيرهم كثيرة.
وهذا المعنى يمكن استفادته من بعض أحاديث أهل السنة ، فقد أخرج أبو يعلى في مسنده عن أبي الجلاس ، قال : سمعت عليّا يقول لعبد الله السبائي : ويلك ، والله ما أفضى إليَّ بشيء كتمه أحداً من الناس ، ولكن سمعته يقول : (إن بين يدي الساعة ثلاثون كذَّاباً) ، وإنك لأحدهم (٢).
والأحاديث الناصَّة على الكذابين الثلاثين كثيرة في مصادر أهل السنة ، مع أن الكذابين كثيرون كما تشهد بذلك كتب الرجال والتراجم والسِّيَر ، وبقرينة عَدِّ الدجال والأسود العنسي ومسيلمة منهم ، ووصفهم في بعض الأحاديث بأنهم كلهم يدعي النبوة ، يفهم أن المراد بالكذابين هم المنتحلين أموراً عظيمة كالنبوة أو الذين يضللون فئات كثيرة من الناس كالدجَّال وغيره ، لا الرواة الذين كذبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنهم كثيرون جداً ، لا ثلاثون فقط.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٥٩١.
(٢) مسند أبي يعلى ١ / ٢١٨. مجمع الزوائد ٧ / ٣٣٣ ، قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات.