على أنها كانت كارهة لزواجها من أمير المؤمنين عليهالسلام ، أو متبرِّمة منه.
وكلمات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت من أجل التسرية عنها ، ببيان أن عليّا عليهالسلام هو خير الناس بعده ، وأن الله سبحانه هو الذي اختاره لها.
وستأتي أحاديث أخر رواها أهل السنة بهذا المضمون ، فانتظر.
* * *
قال الكاتب : ولما دخل عليها أبوها صلوات الله عليه ومعه بريده : لمَا أَبصرتْ أباها دمعت عيناها ، قال ما يبكيك يا بنيتي؟ قالت : (قِلَّةُ الطعم ، وكثرةُ الهَمِّ ، وشِدَّةُ الغَمِّ) ، وقالت في رواية : (والله لقد اشتد حزني ، واشتدت فاقَتِي ، وطال سقمي) كشف الغمة ١ / ١٤٩ ـ ١٥٠.
وأقول : أما الحديث الأول فقد أخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ، بسنده عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قم بنا يا بريدة نعود فاطمة. قال : فلما أن دخلنا عليها أبصرت أباها ودمعت عيناها. قال : ما يبكيك يا بنية؟ قالت : قلة الطعم ، وكثرة الهم ، وشدة السقم. قال : أما والله لما عند الله خير مما ترغبين إليه ، يا فاطمة أما ترضين أني زوَّجتك أقدمهم سِلْماً ، وأكثرهم عِلماً ، وأفضلهم حِلماً؟ والله إن ابنيك لمن شباب أهل الجنة (١).
وأما الحديث الثاني فقد أخرجه أحمد بن حنبل في المسند ، والطبراني في المعجم الكبير بسندهما عن معقل بن يسار قال : وضأت النبي صلىاللهعليهوسلم ذات يوم فقال : هل لك في فاطمة نعودها؟ فقلت : نعم. فقام متوكئاً عليَّ ، فقال : أما إنه سيحمل ثقلها غيرك ، ويكون أجرها لك. قال فكأنه لم يكن عليَّ شيء ، حتى دخلنا على فاطمة عليهاالسلام ، فقال : كيف نجدك؟ فقالت : والله لقد اشتد حزني ، واشتدت فاقتي ، وطال سقمي. قال عبد الله وجدت في كتاب أبي بخط يده في هذا الحديث قال : أما ترضين أن أزوِّجك أقدم
__________________
(١) فضائل الصحابة ٢ / ٧٦٤.