فما ورد في حديث أمير المؤمنين عليهالسلام منطبق عليهم أتمَّ الانطباق ، مع شدّة هذا الزمان المملوء بالمغريات والملذات ، فإنهم لو أرادوا أن يستمتعوا بالدنيا لوسعهم ذلك من غير أن يتكلفوا أية مئونة ، ولكنهم ضربوا بكل ذلك عرض الجدار ، مؤثرين دار البقاء ، وزاهدين في دار الفناء.
ومن أراد أن يطلع على زهد العلماء وانصرافهم عن الدنيا وملذاتها فليطالع الكتب المتكفلة بذلك ، ففيها الكثير من قضاياهم وأحوالهم ، وليس هذا موضع بيانها.
ونحن بهذه المناسبة ندعو كل منصف لزيارة مراجع النجف الأشرف وقم المقدسة ليطَّلع بنفسه على أحوالهم وزهدهم وانصرافهم عن الدنيا ، وليعلم أن كل ما قاله الكاتب ما هو إلا افتراءات مفضوحة وأكاذيب مكشوفة.
* * *
قال الكاتب : إن العَشّار هو الذي يأخذ ضريبة العُشر ، فلا يستجاب دُعاؤه كما قال رضي الله عنه ، فكيف بالخماس؟ الذي يأخذ الخمس من الناس؟ إن الخَمَّاس لا يستجاب له من باب أولى لأن ما يأخذه من الخمس ضعف ما يأخذه العَشَّار ، نسأل الله العافية.
وأقول : إنما لا يستجاب دعاء العشَّار لأنه من أعوان الظالمين الذين يجمعون لهم الأموال من الناس بالقهر وبغير حق.
وأما من يقبض الخمس فإنه يقبضه من أهله بحق ، ويصرفه في محلّه بحق ، فكيف يكون ملعوناً أو مذموماً؟!
ولهذا لا يقال لجابي الزكاة للإمام العادل (إنه عشَّار) مع أنه قد يأخذ العشر وقد يأخذ نصف العشر ، وذلك لأنه يأخذها بحق ، ويدفعها للإمام العادل الذي يصرفها على مستحقيها.
فبين الأمرين فرق واضح ، وليس كل من يتسلّم مالاً فهو عشّار أو ملعون أو