قول الشافعي فيه ، وأثبت الأصحاب (١) في المسألة له طريقين : إثبات الخلاف ونفيه .
أمّا المثبتون للخلاف فلهم طُرُق ، أظهرها : أنّ المسألة على ثلاثة أقوال ، أصحّها : أنّه إذا كان مُفيقاً في أول النهار (٢) ، صحّ صومه ـ وبه قال أحمد ـ لاقتضاء الدليل اشتراط النية مقرونةً بجميع أجزاء العبادة ، إلّا أنّ الشرع لم يشترط ذلك ، واكتفى بتقديم العزم ، دفعاً للعسر ، فلابدّ وأن يقع المعزوم عليه بحيث يتصوّر القصد ، وإمساك المغمى عليه لم يقع مقصوداً ، فإذا استغرق الإِغماء ، امتنع التصحيح ، وإذا وجدت الإِفاقة في لحظة ، أتبعنا زمان الإِغماء زمان الإِفاقة .
والثاني : اشتراط الإِفاقة في أول النهار ـ وبه قال مالك ـ لأنّها حالة الشروع في الصوم ، فينبغي أن تجتمع فيه صفات الكمال ، ولهذا خصّ أول الصلاة باشتراط النية فيه (٣) .
والطريق الثاني : أنّه ليس في المسألة إلّا قولان : الأول والثاني .
والثالث (٤) : أنّ المسألة على خمسة أقوال : هذه الثلاثة وقولان آخران :
أحدهما ما ذكره المزني ، وهو : أنّه إذا نوى من الليل ، صحّ صومه وإن استغرق الإِغماء جميع النهار كالنوم . وخرَّجه من النوم . وبه قال أبو حنيفة .
والثاني : أنّه تشترط الإِفاقة في طرفي النهار وقت طلوع الشمس وغروب الشمس ؛ لأنّ الصلاة لمّا اعتبرت النية فيها ولم تعتبر في جميعها اعتبرت في
__________________
(١) أي : الأصحاب من الشافعية .
(٢) كذا في النسخ الخطية والطبعة الحجرية ، وهو متّحد مع القول الثاني الآتي بعد عدّة أسطر . ومن سياق العبارة ومراجعتنا للمصادر نستظهر أن تكون العبارة هكذا : في أول النهار أو وسطه أو آخره . أو : في جزء من النهار .
(٣) لم يذكر المصنّف ـ قدّس سرّه ـ القول الثالث لهم وهو : اشتراط الإِفاقة في جميع النهار . راجع : فتح العزيز ٦ : ٤٠٧ .
(٤) أي : الطريق الثالث .