لأنّ الصوم ثبت شرعاً بشهادة الواحد ، فيثبت الإِفطار باستكمال العدّة ، ولا يكون إفطاراً بالشهادة ، كما أنّ النسب لا يثبت بشهادة النساء ، وتثبت بهن الولادة ، فيثبت النسب بالفراش على وجه التبع للولادة .
والثاني للشافعي : لا يفطرون ـ وبه قال محمد بن الحسن (١) ـ لأنّه يكون فطراً بشهادة واحد (٢) .
وقد تقدّم جوابه من جواز إثبات الشيء ضمناً بما لا يثبت به أصلاً .
وما موضع القولين ؟ للشافعية طريقان : أحدهما : مع الصحو ، ولو كانت السماء مغيّمة ، وجب الإِفطار . والثاني : أنّ الصحو والغيم واحد (٣) .
ج ـ لو صاموا بشهادة عدلين ورؤي الهلال بعد ثلاثين ، فلا بحث ، وإن لم يُرَ الهلالُ فإن كانت السماء متغيّمة ، أفطر ، وكذا إن كانت مصحيةً عند عامة العلماء (٤) ؛ لأنّ العدلين لو شهدا ابتداءً على هلال شوّال ، لقبلنا شهادتهما ، وأفطرنا ، فلأن نفطر على ما أثبتناه بقولهما أوّلاً أولى .
وقال مالك : لا يفطرون ؛ لأنّا إنّما نتّبع قولهما بناءً على الظن (٥) . وقد بيّنا خلافه .
وعلى هذا القول لو شهد اثنان على هلال شوّال ثم لم يُرَ الهلالُ والسماء مصحية بعد ثلاثين ، قضينا صوم أول يوم أفطرنا فيه ؛ لظهور أنّه من رمضان ، لكن لا كفّارة للشبهة .
د ـ إذا قلنا بقبول الواحد ففي قبول العبد إشكال يأتي .
وقال بعض الشافعية القائلين بقبوله : إنّا لا نوقع به العتق والطلاق
__________________
(١) حلية العلماء ٣ : ١٨٢ .
(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٦ ، المجموع ٦ : ٢٧٨ ، فتح العزيز ٦ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٨٢ .
(٣) فتح العزيز ٦ : ٢٦١ ، المجموع ٦ : ٢٧٩ .
(٤ و ٥) فتح العزيز ٦ : ٢٦٢ و ٢٦٩ .