الآية : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) ـ الآية».
أقول : ومثلهما غيرهما من الروايات ومقتضاها أنّ الشفاعة تختصّ بأهل الكبائر التي لا يخرج مرتكبيها عن الإيمان ، كالشرك بالله العظيم ، كما تقدّم في الروايات السابقة ، فالمؤمن على قسمين :
الأوّل : ما إذا اجتنب الكبائر ، فيدخل الجنّة إن شاء الله تعالى بمقتضى الآية الشريفة والرواية المتقدّمة.
الثاني : ما إذا ارتكب الكبائر وكان مؤمنا ، فهو أيضا من أهل الجنّة بالشفاعة.
ما ورد في تحريم الإصرار على الصغيرة :
الإصرار على الذنب هو : أن لا يتخلّل الاستغفار ، ولا يحدّث نفسه بالتوبة ، كما يأتي في الرواية عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام ، وأنّ الإصرار على الصغيرة كبيرة من الكبائر ، كما تقدّم في الروايات السابقة ، ففي الكافي : بسنده عن السكوني عن الصادق عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من علامات الشقاء جمود العين ، وقسوة القلب ، وشدّة الحرص في طلب الدنيا ، والإصرار على الذنب».
أقول : المراد من الشقاء هو الشقاء في الآخرة ، والمراد من جمود العين هو قسوة القلب ، فيكون العطف بيانيّا ، فللقسوة مظهر خارجي ، وهو جمود العين ، ومنشأ واقعي وهو قسوة القلب.
وفي الكافي ـ أيضا ـ : بسنده عن أبي بصير قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لا والله ، لا يقبل الله شيئا من طاعته على الإصرار على شيء من معاصيه».
أقول : للقبول مراتب متفاوتة جدا ، فلا ينافي أن يكون الإصرار على الذنب حراما ، ومعه لا يحصل المرتبة الكاملة من القبول ، وسيأتي في البحث الأخلاقي ما يرتبط بالمقام.