ينبغي ـ سواء في الذمّ والشناعة. والإسلام دين الوسط والفطرة السويّة.
قوله تعالى : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً)
الاعتداد : الجزاء بما يناسب الذنب من العقاب. وإنّما وضع الظاهر (الكافرين) موضع المضمر ، اشعارا بأنّ من كتم فضل الله تعالى وبخل منه ، فهو كافر به وبنعمه سبحانه وتعالى ؛ ولذا سمّى الكافر كافرا ؛ لأنّه ستر الحقّ ونعم الربّ بإنكاره ، ومن كان كافرا فله عذاب يهينه ، وإنّما كان العذاب كذلك لأنّه أهان النعم بالبخل ، والكتمان لقانون توافق الجزاء مع الذنب.
وإنّما أضاف الاعتداد لضمير التعظيم (نا) للتهويل ، وللإشعار بأنّ عذاب العظيم عظيم ، وقد ذكرنا أنّ كلّ مورد في القرآن الكريم يكون من مظاهر عظمة الله تعالى وكبريائه عزوجل يؤتى بضمير العظمة ، وكلّ مورد يكون من موارد فضله ورحمته ، يؤتى بضمير المفرد.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ)
بيان لأعمال الطائفة الثانية ، وهم الفخورون الذين لا يعملون إلا لأجل الفخر والمباهاة والأغراض الوهميّة ، ولا يكترثون بالله تعالى ودينه الحقّ والفضل والفضيلة.
ورئاء إما مصدر منصوب على الحال من ضمير (ينفقون) وإضافته إلى الناس من قبيل إضافة المصدر لمفعوله ، أو منصوب على أنّه مفعول للغلبة. والرئاء والرياء والمراءاة مأخوذة من الرؤية ، وهو أن يعمل الإنسان عملا لا لحسنه ولا لوجه الله تعالى ، بل لأجل أغراض وهمية دنيويّة وأن يراه الناس ، وتقدّم في سورة البقرة (الآية ٢٦٤) ، بعض الكلام.
قوله تعالى : (وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ)
بيان لكون المرائي كافرا ، لأنّ الرياء يكشف عن عدم الإيمان بالله تعالى ، القادر على الجزاء ثوابا وعقابا ، وعدم الإيمان بيوم المعاد الذي هو يوم الجزاء