قوله تعالى : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)
إبطال لمزاعمهم وتعليل للاستقباح وسوق الكلام يفيد كمال الاعتناء بالأمر ، كما يستفاد من الفاء ـ التي قيل فيها إنّها فصيحة ـ وللالتفات ، وإجراء الكلام على سنن الكبرياء.
والمعنى : أن يحسدوا الناس على ما أوتوا من الفضل ، فإنّه ليس ببدع ، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب الشامل للتوراة والإنجيل والقرآن الكريم والحكمة ، وهي المعارف الربوبيّة والأحكام الإلهيّة فهم على خطاء ووهم عظيم.
وفي الآية المباركة إيناس لهم في نيل مقصدهم وقطع لرجائهم في زوال النعمة عن المؤمنين ، فلن ينفعهم إلا حقدا وغيظا وهمّا.
ويستفاد من الآية الشريفة تعظيم آل إبراهيم ، الذين آتاهم الله تعالى الفضل العظيم ، فيختصّ بإبراهيم وذرّيته الأنبياء والنبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولا يشمل بني إسرائيل الذين يدّعون أنّهم من نسل إبراهيم ، فإنّ الآية الشريفة تكون في شأن غير الظاهر المراد.
والجملة : تدلّ على أنّ المراد من الناس بعضهم دون الجميع ـ كما عرفت آنفا ـ فإنّ آل إبراهيم لا يشمل المؤمنين إلا إذا أدرجناهم في الآية بالعناية كما عرفت آنفا ، بل يمكن أن يقال : إنّ ايتائهم الكتاب والحكمة قرينة اخرى على أنّ المراد منه إبراهيم ، وهذا النبي وآله صلىاللهعليهوآله ، باعتبار أنّهم حفظة الكتاب ومستودع علم الرسول صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)
تأكيد لاستقباح حسدهم وتقريع لهم بذلك ، فإنّهم مهما حسدوا الأنبياء والمؤمنين ، فإنّ الله تعالى آتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين ، فقد آتاهم ملكا عظيما من النبوّة والرسالة والولاية ، وليس المراد بالملك هنا الملك الدنيويّ الماديّ ، فإنّ الله تعالى لم يعهد منه أن استعظمه في القرآن الكريم إلا إذا استتبع فضيلة