بحث روائي
في الكافي : بإسناده عن إبراهيم بن أبي جعفر عليهالسلام قال : «ليس من نفس إلا وقد فرض الله له رزقها ، حلالها يأتيها في عافية ، وعرض لها بالحرام من وجه آخر ، فإن هي تناولت شيئا من الحرام فأصابها به من الحلال الذي فرض لها وعند الله سواهما فضل كثير ، وهو قول الله عزوجل : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ).
أقول : يظهر من هذه الرواية ما ذهب إليه جمع من المتكلّمين من أن الرزق يكون من الحلال لا من الحرام ، فلا بد من أن يحمل على ما يرزقه الله تعالى لعباده ، لا على ما يختاره العباد بأنفسهم لأنفسهم.
ويمكن الجمع بذلك بين القولين ، فإنّه من عمّ الرزق إلى الحرام ، أي : الأعمّ ممّا يختاره الإنسان لنفسه ، ومن خصّه بالحلال ، أي : خصوص ما يرزق الله به عباده.
وأما فضله ، فهو لا يختصّ بالرزق ، بل هو زائد على الرزق المقسوم ، وهو غير متناه.
وفي تفسير العياشي : عن عبد الرحمن بن أبي نجران : قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله تعالى : (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ)؟ قال : لا يتمنّى الرجل امرأة الرجل ولا ابنته ، ولكن يتمنّى مثلهما».
أقول : هذا تفسير لبعض المصاديق ، وقد تقدّم الفرق بين التمنّي والغبطة.
وعن إسماعيل بن كثير رفع الحديث إلى النبي صلىاللهعليهوآله قال : «لما نزلت هذه الآية : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) ، فقال أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله : ما هذا الفضل؟ أيكم يسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فقال علي بن أبي طالب : أنا أسأله عن ذلك ، فسأله عن ذلك الفضل ما هو؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله خلق خلقه وقسّم لهم أرزاقهم من حلّها بالحرام ، فمن انتهك حراما نقص له من الحلال بقدر ما انتهك من الحرام وحوسب به».