فيها الخلاف بين الناس ، فصارت من أمهات المسائل الكلاميّة ، وقد الفت فيها رسائل وكتب. ومذهب أهل البيت عليهمالسلام أنّهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل البعثة وبعدها ، وقد تعرّضنا لهذا الموضوع في أحد مباحثنا السابقة ، فراجع.
الرابع : يدلّ قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) ، على أنّ الإعراض عن طاعة الرسول صلىاللهعليهوآله ظلم للنفس ، فإنّ حكمته اقتضت أن تكون الطاعة لصالح الامة ، والرسول إنّما يهدي لصالح الناس ، ليصلوا إلى سعادتهم وينالوا كمالهم اللائق بهم ، فإذا كان الظلم ـ الشامل بإطلاقه لجميع أنحائه ـ ظلما للنفس ، فلا بد أن تكون التوبة تطهيرا للنفس ، فحينئذ يجب أن يكون الاستغفار عن إقبال على الله تعالى ، وعزم على ترك الذنب ، وعدم العود إليه مع الإخلاص والصدق ، فمجرّد الاستغفار اللسانيّ لا أثر له في تطهير النفس عن الكدورات التي جلبها ارتكاب الظلم ؛ لأنّه لا بد أن يكون نابعا عن شعور النفس بالذنب والحاجة إلى التطهير ، ويكون عن توجّه قلبيّ إلى الله تعالى ، كما يدلّ قوله عزوجل (جاؤُكَ) فإنّ المجيء إلى الشيء لا يكون إلا بعد العزم والثبات والتفكّر في العواقب.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) على وجوب التوبة من المعاصي والاستغفار من الذنوب.
ويستفاد من الآية الشريفة بعض شرائط التوبة.
منها : الفوريّة فيها كما يدلّ عليها الشرط والعطف بالفاء ، وهو المستفاد من قوله تعالى : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) ، وقد تقدّم في بحث التوبة ما يتعلّق بالمقام فراجع.
ومنها : أنّ الذنوب التي تتعدّى إلى الغير وتكون من المتعلّقة بحقوق الناس لا بد من استرضائه ، وطلب الغفران منه ، ويدلّ عليه قوله تعالى : (جاؤُكَ