بحث عرفاني
الصلاة عبادة روحانيّة وتزكية نفسانيّة ، ومن أهمّ طرق المناجاة مع الله سبحانه وتعالى ، وقد ورد في القرآن الكريم في فضلها الآيات الكثيرة ، قال تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [سورة العنكبوت ، الآية : ٤٥] ، وقال تعالى مخاطبا نبيّه الأعظم : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٣١] ، فلا بد لمن يريد التقرّب إلى مقام الحضور والمناجاة مع الحضرة الأحديّة أن يتنزّه عن كلّ ما يوجب البعد عنه عزوجل.
والآية الشريفة التي تقدّم تفسيرها تشمل على الأجزاء الجامعة لها والأسباب المانعة عنها ، وبهما تتمّ الجهات وتتحقّق المقاصد ، ولما كانت الصلاة معراج المؤمن ، فلا بد أن تكون جامعة على جهات القرب والمحبوبيّة ومنزّهة عن الجهات المانعة.
ومن تلك الجهات المانعة هو السكر والغفلة والتفكّر في الدنيا وحبّها ، وكلّ ما يشغل القلب بسوى الربّ ، فإنّ ذلك كلّها من الجهات المانعة والمبعدة عن ساحة الربّ الرؤوف الرحيم العالم بالأسرار والخفايا. فالآية الكريمة تدلّ على كمال الاهتمام بالصلاة ، حيث نهى عن قربانها مع أهمّ الجهات المانعة ، وهي السكر والغفلة.
ثم بيّن عزوجل أنّه لا بد من التنزّه عن القذارات الظاهريّة والمعنويّة والتطهير عنهما ، ولا تجدون لذّة التقرّب ونعيم الحضور الا بالتطهير عنهما ، إما بالغسل عن الأوساخ مع خلوص النيّة ، أو الوضوء بما يوجب الصفاء وصدق الإرادة ، أو بالتيمم من الأرض الطيبة البعيدة عن مساوئ الأخلاق والنزعات النفسانيّة ، وإن كنتم مرضى بالانحراف عن الحقّ ، أو على سفر في طلب الدنيا ، أو جاء أحد منكم من غائط تتبع الهوى والنزعات النفسانيّة ، أو لامستم النساء