وتبيّن الآية المباركة تمام قدرته عزوجل على بقاء الأبدان وتبديل الجلود المحترقة ، مع أنّ احتراق الجلود يستلزم احتراق الأبدان ، لكنّ لجهنّم حياة خاصّة كما هي ثابتة بالأدلة الكثيرة.
الثالث عشر : يستفاد من الآية المباركة أنّ التبديل بما هو تبديل أيضا نحو عذاب ومشقّة لهم ، وإن لم يكن باختيارهم.
الرابع عشر : يستفاد من قوله تعالى : (بَدَّلْناهُمْ) حيث أضاف التبديل الى نفسه الأقدس كمال القدرة والقهّارية ، وأنّ ذلك لا يمكن لغيره جلّ شأنه.
الخامس عشر : يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) أنّ الخلود إنّما يكون للبقاء في الجنّة ، والأبديّة إنّما هو لدوام النعمة المتنعّم بها المؤمن فيها ، أي : يخلد في الجنّة ويدوم في النعمة ، وهذا الاحتمال أولى ، حملا للكلام على التأسيس الذي هو خير من التأكيد.
السادس عشر : يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) التطهير عن كلّ ما يشوب المادّة ، فتكون مطهّرة عن الأنجاس والأرجاس وملابسات المادّة وغيرها ، ويقتضي الإطلاق ذلك كما مرّ في التفسير.
السابع عشر : يدلّ قوله تعالى : (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) على كمال العناية بالمؤمنين ، حيث شرّفهم الله عزوجل أن أدخلهم في ذلك الظلّ الوارف.
ويمكن أن يستفاد من الآية الشريفة أنّ كلّ شيء في الجنّة ظلّ لا مادّة له للطافته ، بخلاف ما في الدنيا.
والتكرار في كلمة (ندخل) في قوله تعالى : (سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي) ، وفي قوله تعالى : (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) ، إنّما هو للتأكيد والتشريف لرفع شأن المؤمن حين دخوله الى الجنّة.