والمراد من الناس هو سيدهم رسول الله صلىاللهعليهوآله على ما يدلّ عليه ذيل الآية الشريفة : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ، الدال على أنّ ما أطلق عليه الناس من آل إبرهيم هو رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ويمكن شمول الآية المباركة للمؤمنين أيضا ، لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان واسطة الفيض عليهم بما آتاه الله تعالى من الفضل العظيم ، وهو الكتاب والمعارف الربوبيّة والكمالات المعنويّة ، وحسدهم عليهم لمنعهم من ذلك الفضل وحصره فيهم غرورا وبخلا به.
قوله تعالى : (عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)
بيان لعلّة حسدهم على الرسول الكريم لما آتاه الله تعالى من النبوّة والرسالة ، والمؤمنين بما آتاهم من الكرامة والمعارف الربوبيّة التي كانت السبب في حقدهم الأكبر ضدّ الدين الحقّ والإسلام ؛ ولذا كان صراعهم معهم مستمرا إلى أن تقوم الساعة ، كما تدلّ عليه آيات كثيرة ، قال تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ١٢٠] ، وقال تعالى : (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) [سورة البقرة ، الآية : ٢١٧].
وإطلاق الآية الكريمة كما يشمل الرسول صلىاللهعليهوآله باعتبار ما اوتي من الرسالة والوحي والكمالات ، كذلك يشمل أمناء الله وأمناء رسوله على وحيه ودينه ، باعتبار ما أتوا من المقام الرفيع والمنزلة السامية ووجوب الطاعة وما حباهم من الفضل العظيم ، ويدلّ على ذلك ما ورد عن الإمام الباقر عليهالسلام في تفسير الآية الشريفة : «نحن المحسدون» ، وروي مثله عن الإمام الصادق عليهالسلام.
ويمكن أن يكون قوله تعالى : (ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) بيانا للملك في قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) ، والقرآن يبيّن بعضه بعضا.