ولكن ظاهر الآية الشريفة يعطي معنى أبعد من ذلك ، فإن شهادة رسول الله صلىاللهعليهوآله على أمته يوم الشهادة أمر يدلّ عليه قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ) ، فإنّ عمومه يشمل امة خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآله أيضا ، فيكون ذيل الآية المباركة لبيان أنّ شهادة الأنبياء ، جميعهم أيضا ممّا يقرّر بشهادة سيدهم وخاتمهم ، فإنّ له المقام المحمود يوم القيامة ، ويدلّ على ذلك بعض الروايات ، كما سيأتي في البحث الروائي.
يضاف إلى ذلك أنّه لا وجه لاختصاص الآية المباركة بالذين كانوا موجودين حين النزول ، فهو صلىاللهعليهوآله حجّة على أمته من حين النزول إلى يوم القيامة ، فيشهد صلىاللهعليهوآله على كلّ انحراف وتغيير وتبديل وإعراض عن تعاليمه المقدّسة ، كما تدلّ عليه آيات متعدّدة.
ويمكن رفع الاختلاف بأنّ شهادة رسول الله صلىاللهعليهوآله على أمته شهادة على جميع الأمم باعتبار أنّ تعاليمه مكمّلة لتعاليم الأنبياء ، وأنّ أمته امتداد لسائر الأمم.
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ).
بيان لحالهم بعد شهادة الأنبياء وتمامية الحجّة عليهم. أي : أنّ الذين كفروا بالله وعصوا الرسول في تعاليمه وأحكام الشريعة وما جاء به من الله تعالى عند تماميّة الحجّة عليهم بشهادة الأنبياء ، يتمنّون أن ينعدموا ولا يبقى لهم أثر في ذلك اليوم العصيب.
قوله تعالى : (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ)
أي : الدفن فيستوون مع الأرض ، وهو كناية عن بطلان الوجود وانعدامهم ، فلا يؤخذوا بما فعلوا. وقد فسّرت هذه الجملة في موضع آخر من القرآن الكريم بالتراب ، قال تعالى : (وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) [سورة النبأ ، الآية : ٤٠].