(يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (٢٧) يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (٢٨))
الآيات المباركة من جلائل الآيات القرآنيّة التي تبيّن وجوها من الحكم في تشريع الأحكام الإلهيّة ، لا سيما تلك الأحكام التي شرّعت في النكاح ، وتبيّن أنّها من نعم الله تعالى على عباده المؤمنين ، التي تهديهم إلى الصلاح والرشاد وتجلب لهم السعادة في الدنيا والآخرة ، وأنّ اتباعها يوجب التخفيف على الإنسان الذي هو في صراع مرير بين النفس الأمّارة والقوى الشريرة التي تريد الهلاك والشقاء ، وبين القوى الخيّرة التي تريد له الخير والسعادة ، والله تعالى بتشريعه الأحكام لا يريد إلا الخير والصلاح والرقي للمجتمع الإنساني.
التفسير
قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ).
جملة استئنافيّة لبيان الغاية في تشريع ما سبق من الأحكام الإلهيّة ووجوه الحكمة فيه. والإرادة : معروفة ، وهي من صفات الله تعالى العليا الفعليّة ، وقد تقدّم في أحد مباحثنا الفرق بين صفات الذات وصفات الفعل ، وقلنا : إنّ كلّ صفة إذا صحّ إثبات نقيضها له عزوجل أو أمكن نفيها عنه تعالى ، فهي من النوع الثاني ، وإلا كان من النوع الأوّل ، فمن صفات الفعل الإرادة ، فإنها أطلقت ونقيضها عليه عزوجل ، قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨٥] ، وكذا الحبّ : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ