إلى الذين ينجرفون عنهما ، وهم اليهود الذين آمنوا بالجبت والطاغوت وحكموا بشريعة غير شريعة الله تعالى واصول لم ينزلها الله عزوجل ، فاتبعوا الهوى في حكمهم والضلال في حياتهم ، وبيّن عزوجل فيها أحوال المنافقين وسجّل عليهم بعض الصفات الذميمة التي تكشف عن حقيقتهم ، ثم أمر نبيّه الكريم بالإعراض عنهم ووعظهم والقول لهم قولا بليغا.
التفسير
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ)
جملة «الم تر» تدلّ على الإنكار والتعجيب من أحوال من يزعم الإيمان في قلبه ، وقد تقدّم في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) [سورة النساء ، الآية : ٥١].
والزعم هو الاعتقاد والادعاء ، سواء طابق الواقع أم لا ، وإن غلب استعماله في الثاني حتّى ظنّ بعضهم أنّ عدم مطابقة الواقع مأخوذ في مفهومه ، قال الراغب : الزعم حكاية قول يكون مظنّة للكذب ، ولهذا جاء في القرآن في كلّ موضع ذمّ القائلين به ، قال تعالى : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي) [سورة التغابن ، الآية : ٧] ، وقال تعالى : (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) [سورة الكهف ، الآية : ٤٨] إلى غير ذلك من الآيات المباركة ، وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم في مواضع كلّها تدلّ على الباطل والردّ على الزاعمين.
والآية الشريفة في مقام بيان كذب ادعائهم وزعمهم بأنّهم مؤمنون ، وتعقيب الأمر بالطاعة لله وطاعة الرسول والحكم بالعدل بهذه الآية ؛ للإعلام بأنّ هؤلاء هم الذين تخلّفوا عن الطاعة وأحجموا عن تنفيذ ما أمرهم الله به