ذلك وقوعها بعد (أمر) كقوله تعالى : (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [سورة الانعام ، الآية : ٧١].
ولكن منعه آخرون ؛ لأنّ وظيفة اللام الجرّ والنصب بأنّ مضمرة بعدها ووقوع (ل) و (أن) المصدريتين بعدها ، فلا يمكن أن تكون ناصبة.
وقال آخرون : إن اللام زائدة جيء بها مؤكّدة لإرادة (التبين) ، كما زيدت في : لا أبا لك ، لتأكيد إضافة الأب ، وليجعل المصدر مفعولا ، فتكون اللام زائدة.
ولكن ، يرد عليه أنّ دعوى الزيادة باطلة ، كما ذكرنا مرارا ، يضاف إلى ذلك أنّهم لم يقولوا بالزيادة في نظائر هذا التركيب ، كقوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ) [سورة المائدة ، الآية : ٦].
والصحيح أن يقال : إنّ اللام للتعليل ، ومفعول (يُرِيدُ) محذوف كما عرفت في التفسير ، ومفعول (يبيّن) غير مفعول (يهديكم) ، وحذف مفعول الأوّل لتفخيمه وتعظيم أمره.
بحث دلالي
يستفاد من الآيات الشريفة امور :
الأوّل : إنّما عقّب سبحانه وتعالى الآيات التي تضمنّت تشريع الأحكام في أهمّ موضوع في الإسلام ، وهو النكاح وتكوين الاسرة ، وتهذيب النسل بالإرادة ، وكرّرها عزوجل لتثبيت تلك الأحكام ؛ وللدلالة على أنّها مرادة بالإرادة الأزليّة التي تعلّقت بتكميل النفوس المستعدّة وتهذيبها وإرشادها إلى ما يسعدها في حياتها الدنيويّة والاخرويّة ، فلا يمكن الإغماض عنها والتعدّي عمّا حدّدته تلك الإرادة المتعالية.
الثاني : يستفاد من سياق قوله تعالى : (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ). ـ حيث ورد في مقام الامتنان والرحمة ـ أنّ هذه السنن هي تلك السنن المطابقة