عاصيا ، سواء كان معه الحقّ في الواقع ام لا ، بل لا يحلّ ما أخذ بحكمهم إن كان دينا ، وكذا في العين على إشكال فيها تعرّضنا له في الفقه ، ومن شاء فليرجع إلى كتاب القضاء من (مهذب الأحكام).
إلا أنّه استثني من ذلك ما لو توقّف استيفاء الحقّ وعدم ضياعه على الترافع إليهم على سبيل الانحصار ، ولم تكن مفسدة اخرى في البين ؛ لانصراف ما تقدّم من الأدلّة عن مثل ذلك وشمول ذلك ، وشمول أدلّة نفي الضرر له ، ولقاعدة تقديم الأهمّ على المهمّ خصوصا في صورة الحرج بشمول أدلّته لذلك.
ولا فرق فيما تقدّم بين المسلم وغيره ؛ لإطلاق الأدلّة ، ولأنّ الكفّار مكلّفون بالفروع ، كما أنّهم مكلّفون بالأصول وأنّ الواقع حجّة على جميع الناس ، وقد تعرّضنا في الفقه لما يتعلّق بتكليف الكفّار بالفروع ، ومن شاء فليرجع إلى (مهذب الأحكام).
بحث أخلاقي
النفاق من الصفات الذميمة ، بل هو أمها ؛ لأنّه يوجب تأنيب النفس في هذه الدنيا ، والجحيم الابدي في الآخرة ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [سورة النساء ، الآية : ١٤٥] ، وأنّه يوجب تغيّر الفطرة المستقيمة الخالصة عن الشوائب ، كما خلقها الله تعالى إلى فطرة غير مستقيمة متلوّنة لا يمكن الاعتماد عليها ، كما أنّه يوجب هدم النظام الاجتماعي ؛ ولذا لم يذمّ سبحانه وتعالى صفة خبيثة أشدّ من هذه الصفة ، فجعل المنافقين شرّا من الكافرين ، كما في الآية المتقدّمة.
وهو التلبّس بالشرع ظاهرا والخروج عنه واقعا ، أو التظاهر بالواقع والحقيقة ، والبعد عنهما في النفس والضمير. وللنفاق مصاديق كثيرة ـ كالكذب ، والمكر ، والحيلة وغيرها ـ متفاوتة لا يخلو إنسان ـ ما عدا المعصومين ـ عن