وتأثير النوم أو الخمر في الإنسان ، بحيث أوجب إذهاب الحالة الاعتياديّة عنه كما تضمّنت حكم الدخول في المساجد حال السكر وحال الجنابة ؛ لأنّ النهي عن قربان الصلاة يستلزم النهي عن دخول المسجد ؛ لأنّه من أنحاء القرب.
قوله تعالى : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ).
تعليل للنهي وغايته ، وبيان لمعنى السكر أيضا. أي : إنّما نهيتهم عن الصلاة في هذه الحالة ؛ لأنّ السكران لا يعلم ما يقول ، فإنّكم في حال الصلاة تواجهون مقام الكبرياء والعظمة ، وتخاطبون الربّ الرؤف والصلاة إنّما يطلب بها التقرّب والطاعة ، فلا بد من حفظ حدودها والتدبّر في أفعالها وأقوالها وأذكارها ، والإقبال بها مع الخضوع والخشوع والتوسّل بها ، لرفع الدرجات وقضاء الحوائج ، فكيف يؤتى بها مع السكر والطيش والذهول والغفلة وما يوجب بطلان القول ، فلا تعلمون ما تقولون في حالة السكر ، فلا يصلح لكم أن تقربوا بشيء من الصلاة أو مطلق العبادات في حالة السكر ، والنهي عن قرب الصلاة يلازم النهي عن مواضعها ، فإنّه من أنحاء القرب كما عرفت ، وأنّ ذلك من تعظيم شعائر الله تعالى.
والآية الشريفة تعليل للنهي عن مقاربة ما يوجب السكر ، سواء كان نوما أم خمرا ، بحيث يبقى أثره حين دخول الصلاة ، فلا يعي ما يقول ، والنهي مغيى ب : (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) ، وإنّما ذكر عزوجل : (ما تَقُولُونَ) ليشمل أقوال الصلاة من القراءة والذكر وغيرها.
قوله تعالى : (وَلا جُنُباً).
عطف على محلّ (وَأَنْتُمْ سُكارى) ، أي : سكرانين ، على ما سيأتي في البحث الأدبي ، والجنب من أصابته الجنابة. والاسم الجنابة ، وهي في الأصل البعد ، ويستوي فيها المذكّر والمؤنّث والمفرد والتثنية والجمع ؛ لجريانه مجرى المصدر ، كالبعد والقرب. وقد ذكر بعض أهل اللغة أنّه يثنى ويجمع ، فيقال : جنبان