في مواضع مختلفة. وقد ذكر المفسّرون في تفسير الملك وجوها مختلفة لا دليل عليها.
قوله تعالى : (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً)
النقير اسم للنقطة التي في ظهر النواة ـ كما عرفت آنفا ـ وقيل : إنّه فعيل بمعنى المفعول ـ كالقتيل أو الفتيل ـ وهو المقدار اليسير الذي يأخذه الطير من الأرض بنقر منقاره. وقيل : غير ذلك ، والظاهر أنّ الأوّل تشبيه بما نقر بمنقار الطائر أو منقار الحديد الذي تحفر به الأرض الصلبة.
وكيف كان ، فهو مثال للشيء الحقير.
و «اذن» تكون جوابا وجزاء لشرط محذوف ، وهي ملغاة عن العمل ، وسيأتي في البحث الأدبي ما يتعلّق بها ، والفاء للسببيّة ، أي : إن حصل لهم نصيب لمنعوا الناس من القليل الحقير.
والآية المباركة تدلّ على زيادة التوبيخ والإنكار عليهم ، حيث يجعلون ما هو سبب الإعطاء ـ وهو النصيب ـ سببا للمنع.
وهذه الآية الشريفة مع سابقتها متّحدتان في الإنكار والتوبيخ عليهم وعلى الكافرين ، إلا أنّ الاولى إنكار للوقوع ، والثانية إنكار للواقع ، فإنّهم مع ما أنعم عليهم الله تعالى من النعم الدنيويّة الظاهريّة من الثروة والزراعة والعقار وغير ذلك ، ولكنّهم عرفوا بالشحّ والبخل والحرص على المنع من أدنى الأشياء وأحقرها ؛ ولهذا اختصّت هذه الآية الكريمة بالملك الدنيويّ لبيان ما هو الواقع.
وأما الاولى ، فكانت عامّة تشمل الملك المعنوي والظاهري المادي ، فلا تكون الثانية مخصّصة للأولى كما زعمه بعض المفسّرين.
قوله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ)
انتقال من توبيخ إلى توبيخ آخر ، ومن إنكار صفة ذميمة إلى إنكار صفة اخرى أشدّ قبحا ، وهي الحسد الذي هو من أقبح الرذائل المهلكة ، وسوق الكلام مع اليهود كالسابق.