أحد إلا غفر الله تعالى له ، من مؤمن الناس وفاسقهم» ، وغير ذلك ممّا ذكرناه في مبحث التوبة.
وكيف كان ، فالآية الكريمة تدلّ على انقسام المعاصي إلى الكبائر والصغائر ، سواء أكان الانقسام بحسب ملاحظة نفس المعاصي بعضها مع بعض ، أم بحسب ملاحظة صدورها من الفاعل ، فربّما يكون بعض الصغائر بالنسبة إلى شخص كبيرة وبالنسبة إلى شخص آخر صغيرة ، كما ورد : «حسنات الأبرار سيئات المقرّبين».
قوله تعالى : (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً).
المدخل ـ بضم الميم وفتح الخاء ـ والمعروف أنّه اسم مكان ، والمراد به في الآية الشريفة الجنّة ، فيكون منصوبا على الظرفيّة ، وقيل : إنّه مصدر منصوب ، فيكون مفعول (نُدْخِلْكُمْ) الجنّة إدخالا.
وقيل : إنّه منصوب بفعل مقدّر ، والأصحّ هو الوجه الأوّل.
وكيف كان ، فالمراد به الجنّة التي وعدها الله تعالى للصالحين.
والكريم : هو الحسن الطيب ، ومن أسمائه جلّ شأنه «الكريم» أي : الجواد المعطي الذي لا ينفد عطاؤه ، فهو الكريم المطلق ، والكريم الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل ، فلا حدّ لكرمه ولا يمكن عدّ نعمائه.
وقد وصف عزوجل ذلك المكان به أيضا ، قال تعالى : (وَمَقامٍ كَرِيمٍ) [سورة الدخان ، الآية : ٢٦] ، والمقام الكريم ذلك المقام الذي يسعد الداخل فيه بحسن الثناء وعظيم النعمة ، ويتّصف به الرزق أيضا ، قال تعالى : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) [سورة الحج ، الآية : ٥٠] ، كما يتّصف به الرسول أيضا ، قال تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [سورة الحاقة ، الآية : ٤٠] ، ويتّصف به غير ما ذكر كما ورد في الآيات الشريفة.
والمعنى : وندخلكم الجنّة في الآخرة التي يكرم بها من يدخلها فيسعد فيها ،