أبا عبد الله عليهالسلام يقول في قوله : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) ، فحلف ثلاثة أيمان متتابعات لا يكون تلك النكتة السوداء في القلب وان صام وصلى».
أقول : لعلّ حلفه عليهالسلام ثلاث أيمان متتابعات للتأكيد على وجود تلك النكتة السوداء في القلب ، وهي تحصل من ممارسة الذنوب والإصرار عليها ، وإنّها المصدر للشقاء الكامل ، والرواية لا تدلّ على أنّ الشقاء ذاتي أصلا.
في الكافي بإسناده عن محمد بن أبي العباس عن الصادق عليهالسلام في قول الله عزوجل : (ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً). قال : «هو التسليم له في الأمور».
أقول : أي في التكوين والتشريع ، وتقدّم ما يرتبط بها.
بحث فلسفي
أثبت الفلاسفة المتألّهون أنّ السبل وما يوجب التقرّب إلى لله تعالى ويوصل إلى الحقيقة والكمال ويستلزم البعد عن الأوهام والجهالات ، كثيرة جدا ـ بل وهي غالبة على طرق الضلال والإغواء ، لما أثبتوه في محلّه من أنّ الحقيقة فائقة على غيرها ، وأنّ الواقع غالب على الأوهام والخيالات مهما بلغ أو طال الزمان ـ وقد ذكر القرآن تلك السبل الموصلة إلى الحقّ والحقيقة ، وأكّد عليها بأمثلة كثيرة وبعبارات مختلفة ، وأهمّها مخالفة النفس عن الهوى ، والصبر في جنب الله تعالى ، والتفكّر في عظمته جلّ شأنه ، بل أنّ العبادات كلّها ليست إلا طرقا شرعية لتزكية النفس وترقيتها حتّى يتأهّل العبد للإفاضة عليه منه تعالى ، وتحصل اللياقة له للتقرّب بساحته جلّ شأنه ، بنبذ الجهات الإمكانية ، فإنّ الفطرة قابلة للترقي في عالم الشهادة أو في غيره ، إن لم تمنعه الموانع فلا بد في