قوله تعالى : (أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ).
المسّ في القرآن الكريم يكنّى به عن الجماع مطلقا ، أو ما يستهجن التصريح به ، ولذا قال بعضهم : إنّه كناية عن الحدث الأكبر.
والمسّ واللمس بمعنى واحد إلا أنّ الثاني أقرب في الكناية عن الجماع ، لأنّ الملامسة مفاعلة من اللمس بقصد الإحساس والتلذّذ في مباشرة الرجل والمرأة.
وذكر هذا بعد الجنابة من باب النصّ بالخاصّ بعد العموم ، لبيان أنّ الجنابة الاختياريّة الحاصلة من مقاربة النساء ، كالجنابة غير الاختياريّة ، توجب الرخصة للتيمم ، فلا يتوهّم أحد بعدم الدخول فيه.
قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً).
عطف على (وَإِنْ كُنْتُمْ) ، لبيان أنّ السبب في الجميع هو عدم التمكّن من الطهارة بالماء ، سواء عدم أو وجد ولم يتمكّن من استعماله ، فإنّ الممنوع عنه كفاقده ، فهو غير موجود بالنسبة إليه.
والمعنى : إن لم تجدوا ماء لتستعملوه في رفع الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر فتيمّموا. واحتمل بعضهم أن يكون المراد من عدم الوجدان فقده ، لا ما يشمل عدم التمكّن من استعماله للتبادر ، ويدخل فيه بعض أفراد المريض الذي يكون ممنوعا عن استعمال الماء.
ولعلّ التعبير بالفاء للإشعار بالتعميم وإيماء إلى أنّ المعتبر في عدم الوجدان إنّما هو بعد حصول هذه الأسباب.
قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً).
جواب الشرط في قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى) ، ومادة (ي م م) تدلّ على القصد ، يقال : تيمّمت الشيء قصدته ، وتيمّمته برمحي وسهمي ، أي : قصدته دون من سواه ، قال الأعمش :
تيممت قيسا وكم دونه |
|
من الأرض من مهمة ذي شزن |