كبيرا في هذا الموضع ، فإنّها تدلّ على أنّ لله تعالى القدرة في غفران جميع الذنوب حتّى الشرك ، لكنّه لا يفعل إلا ما يوافق حكمته المتعالية ، وأنّ الغفران لا يكون تصرّفا في سلطانه التامّ ، وتقدّم ما يتعلّق بذلك فراجع.
بحث روائي
في تفسير علي بن إبراهيم بإسناده عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن الصادق عليهالسلام قال : «قلت له : دخلت الكبائر في الاستثناء؟ قال : نعم».
أقول : الغفران عن الكبائر مشروط بالموت مع الإيمان ، وتقدّم أنّ الاجتناب عن الكبائر سبب لغفران الصغائر ، كما تدلّ عليه الآية الشريفة السابقة ، ولا إشكال في أن يتعلّق المشيئة بفعل مشروط بالاختيار ، فالكبائر داخلة في الاستثناء ، فإنّها قابلة للغفران بشرط بقاء الإيمان.
وفي الفقيه : عن الصدوق قال : «سئل الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ، هل تدخل الكبائر في المشيئة؟ قال : نعم ذاك إليه عزوجل ، إن شاء عاقب عليها وإن شاء عفى».
أقول : تقدّم ما يتعلّق به وأنّ مشيئته تعالى قد يتعلّق بالغفران والعفو عن الكبائر إن تحقّقت الأهليّة في العبد ، وإلا عاقب عليها ، فلا قصور في المشيئة أصلا ، فإنّه تعالى يصنع ما يشاء ويفعل ما يريد.
وفي الدرّ المنثور : عن أبي أيوب الأنصاري قال : «جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : إنّ لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام ، قال : وما دينه؟ قال : يصلّي ويوّحد الله تعالى ، قال : استوهب منه دينه فإن أبى فابتعه منه ، فطلب الرجل ذلك منه فأبى عليه فأتى النبي صلىاللهعليهوآله فأخبره فقال : وجدته شحيحا على دينه ، فنزلت : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ).