قوله تعالى : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً)
أي : يودّون أن ينعدموا ولا يبقي لهم أثر ، لعدم قدرتهم على كتمان أحوالهم وأعمالهم وصفاتهم بعد ما ظهرت بشهادة الأنبياء وأعضاء أبدانهم وحضور أعمالهم ، فهم بارزون لله تعالى لا يخفى عليه منهم شيء ، فيودّون لو لم يكونوا بعد ما لم يقدروا على كتمان أمر من أمورهم ، كما كانوا يفعلون في دار الدنيا فقد تمّت الحجّة عليهم واستحقّوا جزاء أعمالهم.
وإنّما ذكر تعالى هذه الجملة بعد تمنّيهم الانعدام والتسوية مع الأرض لبيان يأسهم وشدّة حالهم في تلك اللحظة.
بحوث المقام
بحث أدبي :
قوله تعالى : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها) ، (تك) أصلها (تكن) حذفت النون للتخفيف ، ويكثر حذفها في مثل هذه ، وعلّله بعضهم بأنّ النون تشبه حروف العلّة من حيث الغنة والسكون.
والقراءة المعروفة في (حَسَنَةً) على النصب خبر كان ، فيكون اسمها مستترا عائدا على الذرة.
وقيل : يعود إلى المثقال ، وإنّما أنث لأنّ المثقال مضاف إلى ذرّة. ونوقش بأنّ تأنيث المضاف باعتبار المضاف إليه شاذّ ، خصوصا إذا كان المضاف إليه محذوفا ، والحقّ أنّ التأنيث راجع إلى الخبر ، قال تعالى : (فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ) [سورة النساء ، الآية : ١٧٦] ، وقال تعالى : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً) [سورة النساء ، الآية : ١١] ، ونحو ذلك ممّا هو كثير ، هذا إذا جعلنا كان ناقصة ، وقرئ برفع (حسنة) على أنّ (تك) تامّة.