قوله تعالى : (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ).
المراد بالاجور في المقام المهور ؛ لأنّ المهر عوض البضع ، وإضافة الأجور اليهنّ مع كونهنّ مملوكات ؛ لبيان أنّ المهر قد استحقّته بميثاق الزواج ، وهو يقابل بضعها ، ولا ينافي هذا كون الأجر للمالك ؛ لأنّه مالك لها ولمنافعها.
وإنّما قيّد عزوجل الإعطاء بالمعروف ؛ للدلالة على أنّه لا حدّ لهذا المهر كما وكيفا شرعا ، بل يحدّده العرف والعادة في مثل هذا الزواج ، ولكن لا بد أن يكون من غير بخس ولا أذى ولا مماطلة ، وهذا هو المعروف في كلّ نفقة أيضا ، كما تقدّم في آية النفقة في سورة البقرة.
قوله تعالى : (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ).
المحصنات : العفائف ، وغير مسافحات لبيان نفي جميع أنواع الزنا ، العلن منها والخفي.
والمعنى : أنّهن قد أقدمن على الزواج للإحصان والتعفّف عن الحرام ، فلا يأتين بما ينافي العفّة ، كالزنا واتباع الشهوات. وإنّما اختلف التعبير في المقام عن ما ورد في نكاح الحرائر ، قال تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) ؛ لأنّ الحرائر أبعد عن الفحشاء من الرجال ، فإنّهم أسرع انقيادا لزمام الشهوة ، فجعل هذا القيد للرجال الطالبين للزواج ، وأمّا الإماء فإنّ الغالب عليهن الزنا ، فجعل قيد الإحصان لهنّ ، فكأن القيد في كلّ موضع يرجع إلى ما يوافق الطبع والعادة.
قوله تعالى : (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ).
الأخدان : جمع الخدن ـ بكسر الخاء وسكون الدال ـ والخدين : الصديق والخليل ، يستوي فيه المذكّر والمؤنّث والمفرد والجمع.
وعن بعض أن الأخدان هم الأصدقاء في السرّ للزنا ، لا مطلق الصديق والخليل. ولكن ذلك من باب ذكر أحد المصاديق لا التقييد ؛ لأنّ الخدن هو الصاحب والخليل في كلّ أمر ظاهر وباطن ، يقال : رجل خدنة ، إذا اتخذ أخدانا وأصحابا ، وذات الخدن هي التي تزني سرّا.