لاعتماد المرائي على الناس دون الخالق ، وأنّ الشرك الحاصل من الرياء قد يكون في العمل ، وهو الشائع وقد يكون في الذات والعمل كليهما.
السابع : يدلّ قوله تعالى : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا) ، على أنّ الاحجام عن الإنفاق في سبيل الله تعالى ، إنّما يكون عن عدم الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر وعدم الاعتقاد بهما ، وإن تلبّس بهما ظاهرا ، وعلاج ذلك إنّما يكون بالرجوع إلى الطاعة والإيمان بالله تعالى وباليوم الآخر ، فهذه الآية المباركة تضمّنت الداء والعلاج ، ولذا قدّم الإيمان بالله تعالى واليوم الآخر فيها وأخّره في الآية السابقة ؛ لأنّ السابقة تضمّنت الإنفاق على غير وجه الله تعالى ، فبيّن عزوجل أنّه إسراف وبذله إنّما يكون شركا بالله تعالى لأنّه بذله رياء ، وأما في هذه الآية المباركة قد امتنع عن الإنفاق لعدم الاعتقاد بالله واليوم الآخر ، فهو لم يؤمن بالجزاء فبخل عن أمواله ، فحكم بالإيمان أوّلا لرفع الداء وعلاجه.
بحث روائي
في تفسير العياشي عن أبي بصير عن الصادق عليهالسلام قال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أحد الوالدين وعليّ عليهالسلام الآخر. فقلت : أين موضع ذلك في كتاب الله؟ قال : قرأ أبو عبد الله عليهالسلام : (وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)» ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوآله : «أنا وعلي أبوا هذه الامة» ، وقريب منهما غيرهما من الروايات الكثيرة.
أقول : يستفاد من هذه الروايات امور :
الأوّل : إطلاق الأب أو الوالد على النبيّ صلىاللهعليهوآله وعلى من يتلو تلوه من النفوس المقدّسة ، التي هي العلّة الغائيّة لخلق هذا العالم ، فكما أنّ الأب الجسماني هو مبدأ تكوين الولد ولا شأن له إلا ذلك ، كذلك النفوس المقدّسة المرتبطة بعالم الغيب مبادئ نشو تربية الامة وتزكيتها ورقيها وهدايتها إلى السعادة والكمال