وذكر الفعل المضارع في الموضعين ، لبيان استمرارهم على ذلك وتجدّدهم عليهما.
قوله تعالى : (وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ).
تأكيد لمضمون ما ورد في الآية السابقة وبيان للتحذير منهم ، فإنّ العدو قد أظهر نفسه بمظاهر الصلاح والمودّة ، فالتبس الأمر على المؤمنين ، والله يعلم العدو من الصديق الناصح ، وقد أخبركم بعداوة هؤلاء ، وبيّن لكم حقيقتهم ، فإيّاكم أن تطيعوا لهم أمرا وتأخذوا منهم النصيحة.
قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا).
فإنّه القادر على نصرة أوليائه وهو يكفيهم أعداءهم.
قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً).
يدفع شرّهم ومكائدهم ، والتكرار مع إظهار الاسم الجليل للتأكيد على كفايته عزوجل ، وفيه إيماء بالعلّية ، فإنّه الله الخالق القادر.
قوله تعالى : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ)
بيان لأهمّ أفراد الذين اتّصفوا بالضلالة والغواية ، وقد ذكر سبحانه وتعالى جملة من أحوالهم ، بين البيان والمبين ، لمزيد الاعتناء بذكر محلّ التشنيع ، والاهتمام بحثّ المؤمنين على الابتعاد عنهم والاكتفاء بولاية الله تعالى ونصرته ، ومثل هذا الأسلوب كثير في القرآن الكريم ، فإنّه قد يعترض بجمل بين أطراف الكلام مع اتساق الكلام وتناسب أطرافه ، وقد ذكر المفسّرون وجوها في إعراب هذه الجملة.
والمراد من (الَّذِينَ هادُوا) اليهود ، لأنّهم ينتسبون إلى مملكة يهودا بعد أن تشتت سائر الأسباط من بني إسرائيل واضمحل وباد ملكهم الوثني باستيلاء الآشوريين عليهم وقتلهم لهم.
وقد وصفهم تعالى بتحريف الكلام عن مواضعه ، والتحريف إمالة الكلام