ويردّ عليه مضافا إلى أنّه بعيد عن سياق الآية المباركة ـ كما عرفت ـ أنّه مخالف لجملة كثيرة من الروايات أيضا. هذا كلّه إن كان المراد بالإحصان إحصان الزواج والعفّة.
وأمّا إذا كان المراد إحصان الإسلام ـ كما ذكره جمع ـ فالآية المباركة تدلّ على المطلوب ـ وهو نصف عذاب الحرائر ، سواء كنّ ذوات بعولة أو لا ـ بوضوح من غير مؤونة.
قوله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ).
مادة «عنت» تدلّ على المشقّة والشدّة ، ومنه : أكمة عنوت ، أي : صعبة المرتقى ، وفي الحديث : «أيما طبيب تطبّب ولم يعرف بالطبّ فأعنت ، فهو ضامن» ،
أي : أفسد وأوقع المريض في المشقّة والشدّة.
وقد وردت هذه المادّة في القرآن الكريم في مواضع خمسة ، كلّها تدلّ على المشقّة والجهد ، وقد فسّر جمع من المفسّرين العنت في المقام بالزنا ؛ لأنّه نتيجة وقوع الإنسان في مشقّة الشبق وجهد شهوة النكاح.
وقيل : إنّه الإثم ؛ لأنّه لا ضرر أعظم من مواقعة المآثم بارتكاب أفحش القبائح ، ولكن لا دليل على كون المراد هو الزنا أو الإثم ، فالصحيح هو الأخذ بالمعنى العامّ ، وهو الشدّة والمشقّة الحاصلة بسبب العزوبة وترك التزويج بالإماء.
والمعنى : جواز نكاح الفتيات المؤمنات لمن يجد الطول في نكاح الحرائر المؤمنات ، إنّما هو لمن يخاف أن يقع في المشقّة والجهد الحاصل من العزوبة وترك التزويج بالإماء.
قوله تعالى : (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ).
أن بفتح الهمزة مخفّفة ، والجملة في تأويل المصدر ، أي : وصبركم خير لكم ، واختلف المفسّرون في متعلّق الصبر ، فالمشهور أنّه نكاح الإماء ، فالمعنى : وصبركم عن نكاح الإماء مع عدم الطول وخوف المشقّة خير لكم لما في