وفي رواية عبيدة قال : «أتى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام رجل وامرأة ، مع كلّ واحد منهما فئام من الناس ، فقال علي عليهالسلام : فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ، ثم قال للحكمين : هل تدريان ما عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وإن رأيتما أن تفرّقا فرّقتما ، فقالت المرأة : رضيت بكتاب الله ، وعليّ ولي الله. فقال الرجل : أما في الفرقة فلا. فقال علي عليهالسلام : ما تبرح حتّى تقرّ بما أقرّت به».
أقول : الرواية تدلّ على ما تقدّم كما تدلّ على رجوع الحكمين إلى من وكلّ الزوج أو الزوجة في رفع الخصومة. وتقدّم التفصيل في كتاب النكاح من المهذب فراجع.
بحث عرفاني
المستفاد من قوله تعالى : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) أنّ السؤال من الغني المطلق الذي لا حدّ لعظمته وغناه ، بل هو غير متناه أزلا وأبدا من جميع الجهات من الأسباب التي لها دخل في تفضيل بعض على بعض ، فإذا رغب الغني المطلق في السؤال عنه يكون في نفس ذلك الترغيب الرأفة والحنان ، ثم إذا لاحظ السائل أنّه من فضله غير المتناهي وأنّه ذو فضل عظيم ولا حدّ لفضله ، يصير ذلك أشدّ رأفة وحنانا ، إلا ما يرجع إلى قصور الاستعدادات في المفاض عليه.
ثم إنّ السؤال أعمّ من السؤال الفطري الاقتضائي الحاصل من كلّ ممكن محتاج ، وهو الذي يرجع إلى احتياج المعلول إلى العلّة ، والسؤال القصدي كما في قوله تعالى : (وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) [سورة إبراهيم ، الآية : ٣٤] ، وقوله تعالى : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [سورة الرحمن ، الآية : ٢٩] ، فتكون جميع السنة الحال والمقال متوجّه إليه تعالى ، وملهجة في السؤال من فضله عزوجل في جميع الحوائج التكوينيّة وغيرها ، وهذا معنى القيوميّة المطلقة على جميع ما سواه.