معنويّة وكان سبيلا في نيل المقامات الرفيعة ، فالمراد بالملك العظيم هنا سلطان الرسالة وعظمة الدين والشريعة وزعامة الإمامة التي منحها لإبراهيم عليهالسلام بعد الابتلاء العظيم ، فتشمل الآية الشريفة النبوّة والإمامة ، فإنّهما الملك العظيم.
وإنّما ذكر عزوجل الكتاب والحكمة ؛ لأنّهما من مظاهر النبوّة والإمامة والمبينين لسلطتهما.
قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ)
الضمير في (منهم) يرجع إلى أولئك الكافرين الذين وصفهم في الآيات السابقة بأوصاف مختلفة ، وقيل : يرجع إلى آل إبراهيم ، والضمير في «به» الى الملك العظيم ، أو ما اوتي آل إبراهيم ، وقيل : يرجع إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله وما انزل عليه.
والظاهر أنّه لا نزاع في البين ، فإنّ المرجع شيء واحد ، وهو الحقّ المتمثّل تارة في إبراهيم وآله ، والملك العظيم أو النبيّ صلىاللهعليهوآله ، كما ذكره عزوجل في الآية التالية.
قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ)
الصدّ الصرف ، وتستعمل قاصرة بمعنى أعرض ، يقال : صرف نظره أو وجهه عن الشيء إذا أعرض عنه ، فيكون المعنى : ومن هؤلاء الكافرين الذين وصفهم الله تعالى بتلك الأوصاف المتعدّدة في الآية السابقة طائفة أعرضوا عن الإيمان أو الملك العظيم ، فيتمّ التقابل بين الطائفتين من غير عناية زائدة.
كما تستعمل بمعنى الصرف ، يقال : صدّ غيره إذا صرفه عنه ونفّره منه ، فيكون المعنى أنّهم لم يؤمنوا به وبذلوا جهدهم في صدّ الناس عن سبيل الله تعالى والإيمان بالملك العظيم ، وهذا هو شأن اليهود ، كما حكي عزوجل عن أحوالهم في القرآن الكريم ، فتكون المقابلة بين الطائفتين مع عناية زائدة.
وتقسيمه عزوجل أولئك إلى هاتين الطائفتين تسلية للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولبيان أحوالهم في يوم القيامة ، فتكون الآية التالية بمنزلة الشرح والتعليل لها ، ولبيان