نور» وأمثال ذلك كثير ، وفي المقام أنّ الإرادة هي العلّة التي يترتّب عليها المراد ، بلا فرق بين إرادة الخالق وإرادة المخلوق ، فالإرادة بما هي من شؤون المريد باعثة لصدور المراد والفعل.
فمن نظر إلى المراد جعل الإرادة الفعل ، ومن نظر إلى أنّها لا تحصل إلا بالعلم والحكمة جعلها منهما ، ومن نظر إلى توسّط الإرادة بين العلم والمراد ، جعلها ابتهاجا وشوقا ، فيرجع الجميع إلى شيء واحد في هذا الموضوع الذي له شؤون مختلفة.
ولعلّ من قال من الفلاسفة الأقدمين : إنّ الإرادة في الإنسان هي الفعل. فإن كان نظره إلى ذلك ، وهذا هو المرتكز في النفوس ، فإنّ الإنسان لا يرى حين ارادته شيئا إلا المراد فقط ، غافلا عن نفس الإرادة ومقدّماتها ، وإن كانت هي منطوية في النفس انطواء الجزء في الكلّ.
أقسام الإرادة :
قسّم الحكماء والفلاسفة الإرادة إلى إرادة تكوينيّة وإرادة تشريعيّة ، وعرّفوا الاولى بأنّها ما تعلّقت بفعل نفس المريد ، والثانية ما تعلّقت بفعل الغير مع سبق إرادته ، وهما تتصوّران بالنسبة إلى إرادة الله تعالى وإرادة الإنسان معا.
أمّا بالنسبة إلى إرادته عزوجل ، فقد تقدّم ، وقد وردت في القرآن الكريم كلتاهما.
قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [سورة الحجرات ، الآية : ١٣]. فإنّها إرادة تكوينيّة. وقوله تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) [سورة الأنفال ، الآية : ١] وهي إرادة تشريعيّة.
وأمّا في المخلوق ، فمثل قولك : «ذهبت إلى المسجد» ، فإنّها إرادة تكوينيّة ، وقولك لولدك : «اذهب إلى المسجد» ، وهي إرادة تشريعيّة ، وفي القرآن الكريم