إرشاديا إلى النظام الأحسن ـ ومنه نظام العائلة والاسرة ـ الذي نظّم في الإسلام تنظيما دقيقا ، وهذّبت علاقاتها حتّى تؤدّي وظيفتها بأكمل وجه في المجتمع الإنساني ، وقد ذكر عزوجل في هذه الآية الشريفة قوامة الاسرة والعائلة ، التي هي عمودها المقوّم لها ، وبدونها تنهدم وينفرط عقدها وتسيء أحوالها وتتخلّى عن وظيفتها التي قرّرت لها ، وذكر عزوجل أنّ هذه القوامة تتضمّن من الأحكام والتبعات التي لا بد من أن يكلف بها الأصلح من أفراد المجتمع ، وليست هي قضية منافسة بين الرجل والمرأة وجدال وصراع بينهما ، كما تراه الجاهلية المعاصرة ، فإنّ الإسلام إنّما بنى العلاقات الاجتماعيّة على المودّة والرحمة لا على الشقاق والجدال.
والآية الشريفة الكريمة تبيّن أنّ الأصلح لهذه المهمّة هو الرجل ، لمّا فضّله الله تعالى بأمور تجعله صالحا لهذه المهمّة ، وهي على ما يستفاد من الآيات الشريفة المتقدّمة ومن هذه الآية المباركة ، القوّة وشدّة البأس ، وزيادة التعقّل ، بخلاف المرأة التي لم يهمل الإسلام شأنها في المجتمع ، فإنّ حياتها تبتني على حياة إحساسيّة عاطفيّة ، وهذه الجهة تستدعي حياة الدعة والرفق ، ولا يمكنها النهوض لتحصيل الرزق الذي يستدعي القوة ورباطة الجأش ، وهذا هو مقتضى قانون الفطرة ، والإسلام لم يخرج عنه ، فإنّه دين الفطرة ، قال تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [سورة الروم ، الآية : ٣٠].
والقوامة ـ هذه التي جعلها الله تعالى للرجل أو يتطلبها ناموس الفطرة ـ لم تختصّ بجهة معينة ، فإنّها مطلقة بما فضّل الله تعالى الرجل على المرأة ، فالرجال قوامون على النساء في الحياة المعيشيّة ، كطلب الرزق وحفظ شؤون المجتمع ، كالقضاء والحرب ونحو ذلك ، وليس معنى ذلك أنّ المرأة تحرم من الملك والشؤون الاجتماعيّة لكي تخضع للرجل ، كما كانت عليه في غابر العصور ، فليس الإسلام