وهو تارة يكون من مجرّد أمنية شاغلة لباله موهنة لقواه ، ولا إشكال في حرمة هذا التمنّي ؛ لمنافاته للتوحيد والتوكّل على الله تعالى ، واشتماله على ذمائم الأخلاق ، كالحسد والبغضاء ونحوهما.
واخرى : يكون اغتباطا بالفضل الذي منحه الله تعالى لصاحبه ، والسؤال منه عزوجل ، وهذا ممدوح وموجب للإقدام على العمل أيضا.
وثالثة : يكون من مجرّد التصوّر الخيالي ، كأن يتوهّم بأنّه لو كان في مقام صاحب الفضل الكذائي مثلا كان له كذا وكذا ، لتسكين هيجان الهمّ والغمّ ، ولا إشكال فيه أيضا أن لم يستلزم البطالة والكسل ، وإلى ذلك يشير قول الشاعر :
أماني إن تحصل تكن غاية المنى |
|
وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا |
قوله تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ).
النصيب ، الحظ ممّا أعطاه الله تعالى من الخير والنعمة والفضل. ومن في (مِمَّا) بيانيّة للنصيب.
ومادة (كسب) تدلّ على العمل أو السعي الذي يجلب به النفع أو يدفع به الضرر ، وقد وردت هذه المادّة في القرآن الكريم في ما يقرب من سبعين موردا ، ويستعمل في الخير والشرّ ، قال تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٨٦] ، وقال تعالى : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٢٥] ، وقال تعالى : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [سورة الروم ، الآية : ٤١] ، وفي الحديث عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وولده من كسبه» ، وجعل الولد من كسبه لأنّ الأب سعى وطلب في تحصيله ، وأراد بالطيب هنا الحلال.
والاكتساب هو الكسب مع المبالغة والتكلّف ، وقيل : إنّ الاكتساب هو ما يستفيده الإنسان لنفسه ، والكسب أعمّ من أن يكون لنفسه أو لغيره.