وقد أوضح ذلك الإمام الصادق عليهالسلام فقال عليهالسلام : «هي هي ، وهي غيرها» ، وشبّهها عليهالسلام باللّبنة إذا كسرت ودقت فصارت ترابا ثم صبّ عليها الماء فصارت لبنة اخرى ، فهي هي في المادّة ، وإنّما حدثت المغايرة في الصورة ، وسيأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (لِيَذُوقُوا الْعَذابَ)
أي : إنّما كان ذلك ليدوم ذوقهم للعذاب فلا ينقطع ، والتعبير بالذوق لبيان الإحساس المرير.
وقيل : لبيان أنّه لا يدخله نقصان بدوام الملابسة ، أو للاشعار بمرارة العذاب ، وللإعلام على حدّة تأثيره.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً)
تعليل لما سبق ، أي : إنّما عذّبهم الله تعالى بذلك العذاب المرير ؛ لأنّ الله تعالى عزيز لا يمنعه مانع إذا أراد العذاب ، وهو قادر عليه حكيم في أفعاله ، لا يعذّب أحدا من دون سبب ولا علّة ، كما لا يجزى المحسنين إلا كذلك ، وأما العفو ومضاعفة الحسنات ، فهو فضل منه جلّت عظمته.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)
بيان لحسن حال المؤمنين ، وتنبيه لمعرفة التفاوت العظيم بين الطائفتين ـ المؤمنين والكافرين ـ في الجزاء. وفي تعقيب تلك الطائفة بالمؤمنين لتتميم الرهبة بالرغبة ، ولتكميل المساءة بالمسرة.
والمراد بالموصول هم الذين آمنوا بالرسول الكريم وما انزل عليه من المعارف الإلهيّة والأحكام ، التي هي لصالح البشرية وصلاحها.
وعقّب سبحانه وتعالى الإيمان بالعمل الصالح ، للدلالة على أنّ الجزاء العظيم الذي يناله المؤمنون إنّما يكون بالأمرين ، الإيمان والعمل الصالح ، فلا جدوى في أحدهما مع انتفاء الآخر ، فإنّ الإيمان بغير عمل صالح لا يكفي لتزكية