موجبات الكبائر :
تقدّم في أحد مباحثنا السابقة أنّ إتيان المعاصي ـ صغيرة كانت أو كبيرة ـ وصدورها ، يكون باختيار العبد وجرأته ، ولكن ذكر علماء الأخلاق أنّ أسباب الكبائر مندرجة في امور ثلاثة :
الأوّل : اتباع الهوى ، والهوى : ميلان النفس إلى ما يستلذّ به ، فيقع الإنسان في جملة من الكبائر ، كالزنا واللواط وقطع الرحم وقذف المحصنات أو كترك الصلاة وترك الطاعات وغيرها.
الثاني : حبّ الدنيا ، فإنّه السبب للوقوع في كثير من الكبائر ، كالقتل والظلم والغصب ، وأكل مال اليتيم ، وشهادة الزور والحيف في الوصية وغيرها ، قال نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «أتاني جبرئيل وقال : إنّ الله تعالى قال وعزّتي وجلالي ، إنّه ليس من الكبائر كبيرة هي أعظم عندي من حبّ الدنيا» ، وقال صلىاللهعليهوآله : «حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة».
الثالث : رؤية الغير ، فإنّها منشأ للرياء (الشرك الخفي) ، والنفاق والعجب بالنفس والشرك بالله العظيم ، قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ، وقال صلىاللهعليهوآله : «اليسير من الرياء شرك».
طرق تمييز الكبيرة :
ذكرنا أنّه لم يرد في القرآن الكريم تحديد الكبيرة وبيان خصوصياتها ، وإنّما أبهم عزوجل الأمر فيها لطفا بعباده ، ولأنّه من إحدى طرق التهذيب والإصلاح ، لئلّا يجترئ الإنسان المغرور على ارتكاب غيرها اتكالا على التكفير ، غفلة منه كما عرفت ولكن ذكر العلماء لتمييز الكبيرة عن الصغيرة أمورا :
الأوّل : التوعيد بالنار ، وقد دلّت عليه نصوص كثير متواترة بين الفريقين ، وتقدّم في البحث الروائي نقل جملة منها ، وهو مورد إجماع المسلمين أيضا.