الثاني : يستفاد من اقتران الإحسان بمن ورد ذكرهم في الآية الشريفة بالعبادة أنّ الأوّل من طرق عبادة الله تعالى ، وأهمّ سبل التقرّب إليه عزوجل إذا استجمع الإحسان الشروط المطلوبة التي ذكرها عزوجل في القرآن الكريم وبيّنته السنّة الشريفة ، وأهمّها الخلوص بالاجتناب عن الشرك والرياء وما يوجب مقته عزوجل.
الثالث : إنّما ذكر عزوجل المختال الفخور في ذيل الآية الشريفة ؛ لأنّ الإحسان من مظان الخيلاء والفخر ، لا سيما إذا اجتمع الناس إليه طالبين منه الإحسان والإنفاق من ما أنعم الله عليه من الأموال والجاه والرفعة ، فدفعا لما قد يتصوّره المنفق في هذه الحالة ، ولئلّا يقع في هذه الرذيلة ذكر عزوجل إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا وكفى خزيا ومقتا عدم محبّة الله جلّت عظمته له.
الرابع : الآية الشريفة بايجازها قد اشتملت على أقسام الحقوق المعروفة في الإسلام ، وهي حقّ الله تعالى ، وحقّ الناس ، وهو على أنواع حقّ القرابة ، وحقّ الجار ، وحقّ الإسلام ، وربّما تجتمع في مورد واحد.
الخامس : يدلّ قوله تعالى : (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) ، على أنّ الملكات النفسانيّة إنّما تظهر في الأقوال والأفعال ، فإن كانت تلك الملكات من الصفات الحسنة ومكارم الأخلاق ، كانت الأفعال والأقوال حسنة ، وأنّها تصدر عن طبع متخلّق بخلق كريم ، وإن كانت من الرذائل تكون الأفعال والأقوال قبيحة ، فمن اتخذ البخل شعارا له وصار من صفاته وملكاته ، كانت أقواله وأفعاله داعية إلى البخل ، فهو يأمر به لسيرته الفاسدة.
ومن هنا أمر الإسلام بتخلية النفس عن تلك الرذائل ، حتّى تستعد لقبول الفضائل ، فإنّها لا يمكن أن تحلّ في موضع هو متلبّس بالضدّ.
السادس : يدلّ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) ، على أنّ الرياء إثم عظيم وشرك بالله العزيز ، كاشف عن عدم الإيمان به عزوجل ،