الإنسان يرتبط بالإرادة ، كما يرتبط بالإرادة الإلهيّة مباحث حدوث العالم وقدمه واختياره تبارك وتعالى وغير ذلك ، ونحن نذكر في هذا البحث تعريف الإرادة ، وما يتعلّق بإرادة الإنسان ، وإرادته جلّت عظمته ، وبيان حقيقتها ، وأقسامها ، وأسباب فعله عزوجل ، والفرق بين المشيئة والإرادة ، وارتباطها بعلمه عزوجل ، ثم مبحث اتحاد الطلب مع الإرادة.
تعريف الإرادة :
الإرادة : من الأمور الوجدانيّة لكلّ ذي ادراك وشعور ـ إنسانا كان أو حيوانا ـ حتّى لقد عرّف الحيوان المطلق بأنّه جسم نام متحرّك بالإرادة ، فهي من لوازمه التي لا تنفكّ عنه ، بل قد أثبت بعض قدماء الفلاسفة الإرادة في النبات ، ولا يبعد ذلك على نحو الجملة والإجمال كما ستعرف.
وكيف كان ، فقد فسّروا الإرادة بوجوه : فمنهم من فسّرها بالقصد ، واستدلّ بالتبادر.
ومنهم من فسّرها بالطلب.
وأشكل عليه بأنّه مبرز للإرادة نفسها.
ومنهم من فسّرها بالميل الذي يعقب اعتقاد النفع.
وقال بعض المحدّثين : إنّها تصميم واع على أداء فعل معين ، باعتبار أنّ التصميم هي الإرادة النافذة ، والإرادة بلا تصميم نيّة مؤجّلة.
وقال بعضهم : إنّ الإرادة هي الرغبة التي ترافق الفعل إلى أن تبلغ به إلى الغاية.
والحقّ أنّ هذه التعاريف لا تخلو من مناقشة واضحة ، فإنّ الإرادة غير الميل ، بل هو من مقدّماتها ، والتصميم إرادة مؤكّدة ، ولكن ممّا يسهل الخطب أنّ الإرادة من الأمور الوجدانيّة التي تتداخل مقدّمات حصولها بعضها مع بعض ، بحيث يصعب التمييز بينها ، ولأجل ذلك اختلفوا في تعريف الإرادة ، فإنّه قد يختلط