بملامستكم الأشغال الدنيويّة ، وتباعدتم عن حظائر القدس بتوجيه قلبكم بالانس إلى غيره تعالى ، فلم تجدوا ماء الحقيقة وصدق الإنابة ، فتيمّموا بالانقطاع إليه ونبذ الصفات الدنيئة ، فامسحوا بوجوهكم بالتوجّه إليه جلّ شأنه ، وتمسّكوا بأيديكم بذيل كرمه ، منقطعين إليه بعد نفض غبار الشهوة عن النفس وترك الخصال السيئة ، فإنّه يعفو عنكم بعد ما علم صدق إرادتكم بالرجوع إليه ، ويغفر لكم بمحو آثار الشقوة عنكم ، فإنّه رؤوف يريد سعادتكم ، ولا تكونوا غافلين بسكر الدنيا عن الوصول إلى حضرته والدنو من معرفته ، فإنّه يتجلّى لعباده كما تجلّى لأنبيائه ، وفي الحديث الشريف : «إن الله تعالى يتجلّى لعباده في صورة معتقدهم ، فيعرفه كلّ واحد من أهل الملل والمذهب ، ثم يتحوّل عن تلك الصورة فيتجلّى في صورة اخرى ، فلا يعرفه إلا الموحدون الواصلون إلى حضرة الأحديّة من كلّ باب» ، وللحديث شرح لطيف لو ظفرت على أهله لذكرته له ، والحمد لله على كلّ حال ، واشكره على ما ألمّ بي ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.
بحث روائي
في الكافي بإسناده عن اسامة بن زيد الشحّام قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قول الله عزوجل : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) ، فقال : سكر النوم».
أقول : ومثلها روايات كثيرة متواترة عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وفي صحيح البخاري عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا أنعس أحدكم وهو يصلّي فلينصرف ؛ فليتمّ حتّى يعلم ما يقول ، وعن ابن عباس في قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سُكارى) قال : «النعاس» ، لأنّ ذلك مانع عن حضور القلب الذي هو روح العبادة والتوجّه إلى المعبود ، وتشمل سكر الخمر بطريق أولى.
العياشي في تفسيره عن زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «لا تقم إلى الصلاة