بحوث المقام
بحث دلالي :
تدلّ الآيات الشريفة على امور :
الأول : يدلّ قوله تعالى : (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) ، على أنّ النكاح المحرّم ممّا يوجب الدخول في الفحشاء ، ويزيد الجرأة على ارتكاب المآثم ، وأنّه السبيل الذي لا يهدى إلى الكمال المنشود في تكوين الاسرة والاجتماع ، ويستلزم بعث روح الانتقام والبغضاء في النفوس.
وبالجملة : أنّ النكاح المحرّم يؤثّر في النفوس والأعقاب ، ويوجب استيلاء مادة الفساد وروح الانتقام والبغضاء ، والاستهانة بالحقائق والمقدّسات ، والدخول في مسالك وسبل لا توصل الإنسان إلى الكمال.
الثاني : يستفاد من قوله تعالى : (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) ، رفع الحكم الوضعيّ والتكليفيّ معا بالنسبة إلى ما وقع قبل تشريع الحكم ، أي : أنّ هذا النكاح الذي حرّمه الله تعالى جار من حين إنشاء الحكم ، لا أن يعمّ ما قبله ، فلا حرمة له في ما سبق ولا أثر له من ذنب وغيره ، ولكن هذا لا يدلّ على أنّ النكاح الموجود حين التشريع مباح لهم ، فإنّ التشريع قد حرّمه بقاء ، فتجب المفارقة فورا.
وعلى هذا ، فلا معنى للنزاع في ان الاستثناء في الآية الشريفة منقطع أو متصل.
الثالث : قال بعض العلماء : إنّه يمكن أن يستفاد من قوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) الحكمة في تشريع الأحكام في هذه الآية ، وهي الاختلاط وشدّة المصاحبة والمعاشرة بين هذه الأصناف من النساء المذكورات في الآية المباركة وبين الرجل ، بحيث يعدّ أحدهما من الآخر ، وفي هذه الحالة لا وجه للنكاح.