قوله تعالى : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ)
بيان لصفة اخرى من الصفات الذميمة التي اتّصف بها من زكّى نفسه بعد أن وصفهم بالإيمان بالجبت والطاغوت والعداوة للرسول صلىاللهعليهوآله وللمؤمنين وتفضيل المشركين عليهم.
وهذه الصفة هي البخل الذي يكون مصدرا لجملة من الرذائل الأخلاقيّة ، وكان سبب ذلك أن سبل الهداية بعد ما خفقت في تهذيب النفوس المريضة التي تدعي لنفسها الكمال وتزكّيها بالفضائل وهم بعداء عنها.
و (أم) منقطعة ، أي التي لا تقع في اللفظ معادلة لهمزة استفهام قبلها ، وإن تضمّنت معنى الاستفهام والإنكار مع ترق واضراب عن ما قبلها ، كما يستفاد من سياق الكلام.
والمراد إنكار أن يكون لهم نصيب من الملك وابطال لما يدعونه في ذلك ، أي ليس لهم ذلك. واحتمل بعضهم أن تكون (أم) متصلة ، وقد حذفت الهمزة ، والتقدير : أهم أولى بالنبوّة أم لهم نصيب من الملك.
ونوقش فيه بأن حذف الهمزة إنّما يجوز في ضرورة الشعر ، ولا ضرورة في القرآن الكلام.
وكيف كان ، فالآية الشريفة في مقام تعداد رذائل ما يتصفون به بعد ادعائهم الكمال في التزكية لأنفسهم ، وهكذا شأن التزكيّة الباطلة ، فيكون المنساق من الآية المباركة هو الاضراب بالترقي في توبيخ اليهود ، والإنكار على المزكي لأنفسهم.
والمراد بالملك هو السلطنة على الأمور المعنويّة والماديّة ، كالنبوّة والولاية والهداية والثروة ، كما هو المستفاد من سياق الآية الكريمة ، فإنّها تحكي عن أحوال اليهود وأهل الكتاب الذين يدّعون لأنفسهم الولاية والقضاء والانتصار على المؤمنين ورجوع الملك الظاهري إليهم ، وغير ذلك ممّا حكي عنهم القرآن الكريم