كما يرشدهم إلى أن لا يسأل أحد ما في أيدي الناس ولا يكون همّه مجرّد الحيازة على ما تشتهيه النفس ، بل لا بد من إيكال الأمر إليه عزوجل ليرفع حاجته بما يعلمه خيرا عنده ، فيرجع الأمر إليه وإلى فضله العظيم ، بحسب حكمته المتعالية ، وايكاله الى علمه بحقائق الأمور.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً).
تعليل للنهي عن التمنّي بما لا يستقيم الحياة به ، وبيان لصدر الآية الكريمة أيضا ، فالله تعالى يعلم حقائق الأمور ، وهو يعلم أيضا حال الاجتماع واستقامته ـ عند ما يقوم كلّ جنس بوظيفته التكوينيّة ـ واضطرابه حين ما يختلّ ويأخذ كلّ جنس بوظيفة الجنس الآخر ، فلا تتمنّوا ما خصّ الله تعالى به كلّ فرد ، فإنّ الله تعالى يعلم مصلحة الكلّ ، ويعلم حال المجتمع وحقيقة الأمر ، ولا يخطأ في حكمه ، فاطلبوا ما يوجب سعادتكم.
قوله تعالى : (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ).
بيان لفرد من أفراد الحكمة الإلهيّة التي لها اتصال وثيق بالمجتمع الإنساني ، وهو رعاية الأطراف في الميراث ، إذ من المعلوم أنّ لكلّ فرد من أفراد الإنسان من الأقارب والأرحام وما يحيطون به كإحاطة الأكليل بالرأس ، كالآباء والأجداد ، والأولاد والإخوة والأخوات والأعمام والأخوال ، وأولادهم.
والآية الشريفة ترشد الناس إلى إعطاء كلّ ذي نصيب نصيبه ، فقد جعل الله تعالى لكلّ موالي الإنسان حقّا ونصيا ممّا تركه القريب ، فهذه الآية المباركة إجمال بعد تفصيل أحكام الميراث ، ووصية لتنفيذ تلك الشرائع التي شرّعها في الآيات السابقة حسب ما شرّعه وأبداه.
والموالي جمع مولى على وزن (مفعل) ، وهو إما أن يكون صفة فيكون مصدرا ميميا ، أو اسم مكان أريد به الشخص المتلبّس بالصفة ، لتمكّنها وقرارها في موصوفها ، ومثل ذلك شائع ، ويراد به الولي من ولي بالشيء يليه ولاية. وهو