قال بعض وهو يوجز ما ذكره الجمهور في دلالة الآية الشريفة : «وهذه الآية لا تدلّ على الحلّ ، والقول بأنّها نزلت في المتعة غلط ؛ لأنّ نظم القرآن يأباه ، حيث بيّن سبحانه أوّلا المحرّمات ، ثم قال تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) ، فإنّ فيه شرطا بحسب المعنى ، فيبطل تحليل الفرج وإعارته ، وقد قال بهما الشيعة ، ثم قال جلّ وعلا : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، وفيه إشارة إلى النهي عن كون القصد مجرّد قضاء الشهوة وصبّ الماء واستفراغ أوعية المني ، فبطلت المتعة بهذا القيد ؛ لأنّ مقصود المتمتع ليس الا ذاك دون التأهّل والاستيلاد وحماية الذمار والعرض ؛ ولذا نجد المتمتع بها في كلّ شهر تحت صاحب ، وفي كلّ سنة بحجر ملاعب ، والإحصان غير حاصل في المرأة المتمتع بها غير النكاح إذا زنا لا رجم عليه ، ثم فرّع سبحانه على النكاح قوله عزّ من قائل : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ) ، وهو يدلّ على المراد بالاستمتاع هو الوطء والدخول ، لا الاستمتاع بمعنى المتعة التي يقول بها الشيعة ، والقراءة التي ينقلونها عمّن تقدّم من الصحابة شاذة».
ومراده من القراءة التي ينقلونها هي القراءة المروية عن عائشة : (فما استمتعتم به منهن إلى اجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة من الله) ، وهذه القراءة لم يروها الشيعة ، بل نقلها بعض الجمهور في كتبهم والشيعة في غنى عنها بعد تصريحهم بدلالة الآية الشريفة على المطلوب مع قطع النظر عن وجود جملة (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، وإنّما يذكرها بعضهم من المؤيدات.
وكيف كان ، فالمناقشة في ما ذكره ظاهرة بعد الإحاطة بما ذكرناه في تفسير الآية الشريفة ، وقلنا إنّ الآية الكريمة تدلّ على أنّ النكاح المؤقّت الموسوم بالمتعة من طرق الإحصان ، لمقام التفريع على قوله تعالى : (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) ، فإنّه تعالى بعد أن بيّن المحرّمات ثم أحلّ ما وراءها ، ذكر أنّ المناط في كلّ نكاح واستمتاع هو الإحصان ، دون مجرّد قضاء الشهوة وصبّ الماء